صاحب برجلونة مدينة ألمريّة غرّة ربيع الأول من هذا العام ، وأخذ بمخنّقها ، وتفرّقت الظبا على الخراش (١) ، ووقعت على جيش المسلمين الناهد إليه وقيعة (٢) كبيرة ، واستمرّت المطاولة إلى أخريات شعبان ، ونفّس الله الحصر ، وفرّج الكرب. وما كاد أهل الأندلس يستنشقون (٣) ريح العافية ، حتى نشأ نجم الفتنة (٤) ، ونشأت ريح الخلاف ، واستفسد وزير الدولة ضمائر أهلها ، واستهدف إلى رعيتها بإيثار النصارى والصاغية إلى العدوّ ، وأظهر الرّئيس (٥) ابن عم الأب صاحب مالقة أبو سعيد فرج (٦) بن إسماعيل ، صنو الغالب بالله (٧) ابن نصر ، الامتساك بما كان بيده ، والدعاء لنفسه ، وقدّم ولده الدّائل إلى طلب الملك. وثار أهل غرناطة ، يوم الخامس والعشرين لرمضان (٨) من العام ، وأعلن منهم من أعلن بالخلاف ثم خانهم التدبير ، وخبطوا العشواء (٩) ، ونزل الحشم ، فلاذ الناس منهم بديارهم ، وبرز السلطان إلى باب القلعة ، متقدّما بالعفّة عن الناس ، وفرّ الحاسرون عن القناع ، فلحقوا بالسلطان أبي الوليد بمالقة ، فاستنهضوه (١٠) إلى الحركة ، وقصد الحضرة ، فأجابهم وتحرّك ، فأطاعته الحصون بطريقه ، واحتلّ خارج (١١) غرناطة صبيحة يوم الخميس السابع والعشرين لشوال منه (١٢) ، فابتدره الناس من صائح ومشير بثوبه ، ومتطارح بنفسه ، فدخل البلد من ناحية ربض البيّازين ، واستقرّ بالقصبة (١٣) ، كما تقدم في اسمه. وفي ظهر يوم السبت التاسع والعشرين من الشهر ، نزل (١٤) الحمراء دار الملك ، وانفصل السلطان المترجم به ، موفّى له شرط عقده من انتقاله إلى وادي آش ، مستبدّا بها ، وتعيين مال مخصوص ، وغير ذلك. ورحل ليلة الثلاثاء الثالث لذي قعدة من العام. واستمرّت الحال ، بين حرب ومهادنة (١٥) ، وجرت بسبب ذلك أمور صعبة إلى حين وفاته. رحمه الله.
__________________
(١) في اللمحة : «خداش».
(٢) في اللمحة : «وقعة».
(٣) في اللمحة : «ينتشقون».
(٤) في اللمحة : «نجم شهاب الفتنة».
(٥) في الأصل : «الرّيّس» والتصويب من اللمحة.
(٦) كلمة «فرج» ساقطة في اللمحة.
(٧) في اللمحة : «بالله تعالى الامتساك بما في يده ...».
(٨) في اللمحة : «من رمضان هذا العام».
(٩) في اللمحة : «عشواء».
(١٠) في اللمحة : «واستنهضوه».
(١١) في اللمحة : «خارجها».
(١٢) في اللمحة : «من العام».
(١٣) في اللمحة (ص ٧٦): «بالقصبة القدما تجاه الحمراء. وفي ظهر ...».
(١٤) في اللمحة : «كان دخوله دار ...».
(١٥) في اللمحة : «ومهادنة إلى حين وفاته».