أوليته : كان القاضي العدل أبو عبد الله بن هشام ، قاضي الجماعة بالأندلس ، يجلّ سلفه ، وبنسبه إلى بقيّ بن مخلد ، قاضي الخلافة بقرطبة ، وابن هشام ممّن يحتجّ به.
حاله : هذا الرّجل فاضل ، حسن الخلق ، جميل العشرة ، كريم الصحبة ، مبذول المشاركة ، معروف الذكاء والعفّة ، مبسوط الكنف مع الانقباض ، فكه مع الحشمة ، تسع الطوائف أكناف خلقه ، ويعمّ المتضادّين رحب ذرعه ، طالب محصل ، حصيف العقل ، حسن المشاركة في فنون ؛ من فقه ، وقراءات ، ونحو ، وغير ذلك. تكلّم للناس بجامع الرّبض ثمّ بمسجد البكري المجاور للزاوية والتربة اللتين أقمتهما بأخشارش من داخل الحضرة ، وحلّق به لتعليم العلم ، فانثال عليه المتعلم والمستفيد والسامع ، لإجادة بيانه ، وحسن تفهيمه.
مشيخته : قرأ القرآن بجرف نافع ، على أبيه ، وعلى الشيخ الخطيب المكتّب أبي عبد الله بن طرفة ، والخطيب أبي عبد الله بن عامور. وقرأ العربية على إمام الجماعة الأستاذ أبي عبد الله بن الفخّار ، وجوّد عليه القرآن بالقراءات السبع ، وقرأ على الأستاذ أبي سعيد بن لب.
شعره : أنشدني من ذلك قوله بعد الانصراف من مواراة جنازة (١) : [الرمل]
كم أرى مدمن لهو ودعه |
|
لست أخلي ساعة من تبعه |
كان لي عذر لدى عهد الصّبا |
|
وأنا آمل في العمر سعه |
أو ما يوقظنا من كلّنا |
|
آنفا (٢) لقبره قد شيّعه |
سيّما إذ قد (٣) بدا في مفرقي |
|
ما إخال الموت قد جاء معه |
فدعوني ساعة أبكي على |
|
عمر أمسيت ممّن ضيّعه |
ومن شعره في النوم ، وهو كثيرا ما يطرقه : [الوافر]
أباد البين أجناد التّلاقي |
|
وحالت بيننا خيل الفراق |
فجودوا وارحموا وارثوا ورقّوا |
|
على من جفنه سكب المآقي |
__________________
(١) الأبيات في الكتيبة الكامنة (ص ٩٥) ونيل الابتهاج (ص ٢٧٩) ، طبعة فاس.
(٢) في الأصل : «أنفا» والتصويب من الكتيبة.
(٣) في الأصل : «وقد بدا» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من الكتيبة الكامنة.