هذه الآية؟ فقال : نعم ، فقال : أرى والله أن سيشركنا في هذا الأمر العبيد والأراذل والسّفلة.
خبره في الجود : قال : كان أبو الأجرب الشاعر (١) وقفا على أمداح الصّميل ، وهو القائل : [الوافر]
بنى لك حاتم بيتا رفيعا |
|
رأيناه على عمد طوال |
وقد كان ابتنى شمر وعمرو |
|
بيوتا غير ضاحية الظّلال |
فأنت ابن الأكارم من معدّ |
|
تعلج للأباطح (٢) والرّمال |
وقارضه بإجزاله لعطائه وانتمائه في ثوابه ، بأن أغلظ القسم على نفسه بأن لا يراه إلّا أعطاه ما حضره ، فكان أبو الأجرب قد اعتمد اجتنابه في اللقاء حياء منه وإبقاء على ماله ، فكان لا يزوره إلّا في العيدين قاضيا لحقّه. وقد لقيه يوما مواجهة ببعض الطريق ، والصّميل راكب ، ومعه ابناه ، فلم يحضره ما يعطيه ، فأرجل أحد ابنيه ، وأعطاه دابّته ، فضرب في صنعه ، وفيه يقول من قصيدة : [الكامل]
دون الصّميل شريعة مورودة |
|
لا يستطيع لها العدوّ ورودا |
فتّ الورى وجمعت أشتات العلا |
|
وحويت مجدا لا ينال وجودا |
فإذا هلكت فلا تحمّل فارس |
|
سيفا ولا حمل النساء وليدا |
وكان صاحب أمره ولّاه الأندلس قبل الأمويين ؛ لهم الأسماء وله معنى الإمرة ، وكان مظفّر الحروب ، سديد الرأي ، شهير الموقف ، عظيم الصبر. وأوقع باليمانيّة وقائع كثيرة ، منها وقيعة شقندة ، ولم يكن بالأندلس مثلها ، أثخن فيها القتل باليمانية.
أنفته : قال : وكان أبيّا للضّيم ، محاميا عن العشيرة ، كلّم أبا الخطّار الأمير في رجل من قومه انتصر به ، فأفجمه ، وردّ عليه ، فأمر به ، فتعتع ومالت عمامته ، فلمّا خرج قال له بعض من على باب الأمير : يا أبا الجوشن ، ما باب عمامتك مائلة؟ فقال : إن كان لي قوم فسيقيمونها ، وخرج من ليلته ، فأفسد ملكه.
__________________
(١) أبو الأجرب هو جعونة بن الصّمّة الكلابي ، من قدماء شعراء الأندلس ، وترجمته في جذوة المقتبس (ص ١٨٩) وبغية الملتمس (ص ٢٦١) والمغرب (ج ١ ص ١٣١).
(٢) في الأصل : «تعتلج الأباطح ...» ، وكذا لا يستقيم الوزن ولا المعنى. ويعلج الرجل : يشتدّ.