ومن ذلك ما أنشد في النّوم على لسان رجل من أصحابه : [مخلع البسيط]
يا صاحبيّ ، قفا المطايا |
|
وأشفقا فالعبيد عبده |
إذا انتهى وانقضى زمان |
|
هل يرسل الله من يردّه؟ |
مولده : في الثاني عشر لصفر من عام اثنين وعشرين وسبعمائة.
محمد بن سعيد بن علي بن يوسف الأنصاري
من أهل غرناطة ، يكنى أبا عبد الله ، ويعرف بالطّرّاز.
حاله : من صلة ابن الزّبير : كان ، رحمه الله ، مقرئا جليلا ، ومحدّثا حافلا ، به ختم بالمغرب هذا الباب البتّة. وكان ضابطا متقنا ، ومقيّدا حافلا ، بارع الخطّ ، حسن الوراقة ، عارفا بالأسانيد والطّرق والرّجال وطبقاتهم ، مقرئا ، عارفا بالأسانيد والقراءات ، ماهرا في صناعة التّجويد ، مشاركا في علم العربية والفقه الأصول وغير ذلك ، كاتبا نبيلا ، مجموعا فاضلا متخلّقا ، ثقة فيما روّى ، عدلا ممن يرجع إليه فيما قيّد وضبط ، لإتقانه وحذقه. كتب بخطه كثيرا ، وترك أمّهات حديثيّة ، اعتمدها الناس بعده ، وعوّلوا عليها. وتجرّد آخر عمره ، إلى كتاب «مشارق الأنوار» تأليف القاضي أبي الفضل عياض ، وكان قد تركه في مبيّضة ، في أنهى درجات النسخ والإدماج والإشكال وإهمال الحروف حتى اخترمت منفعتها ، حتى استوفى ما نقل منه المؤلف ، وجمع عليها أصولا حافلة وأمّهات جامعة من الأغربة وكتب اللّغة ، فتخلّص الكتاب على أتمّ وجه وأحسنه ، وكمل من غير أن يسقط منه حرف ولا كلمة. والكتاب في ذاته لم يؤلف مثله.
مشيخته : روى عن القاضي أبي القاسم بن سمحون ، والقاضي ابن الطبّاع ، وعن أبي جعفر بن شراحيل ، وأبي عبد الله بن صاحب الأحكام والمتكلم ، وأبي محمد بن عبد الصمد بن أبي رجا ، وأبي القاسم الملّاحي ، وأبي محمد الكوّاب وغيرهم ، أخذ عن هؤلاء كلهم ببلده ، وبقرطبة عن جماعة ، وبمالقة كذلك ، وبسبتة. وبإشبيلية عن أبي الحسن بن زرقون ، وابن عبد النور. وبفاس وبمرسية عن جماعة.
قلت : هذه الترجمة في الأصل المختصر منه هذا طويله ، واختصرتها لطولها.
وفاته : توفي بغرناطة ثالث شوال عام خمسة وأربعين وستمائة ، وكانت جنازته من أحفل جنازة ، إذ كان الله قد وضع له ودّا في قلوب المؤمنين.