عشايا (١) كأنّ الدّهر غصّ (٢) بحسنها |
|
فأجلت سياط (٣) البرق أفراسها الشّقرا (٤) |
عليهنّ أجري خيل دمعي بوجنتي |
|
إذا ركبت حمرا ميادينها الصفرا |
أعهدي بالغرس المنعّم دوحه |
|
سقتك دموعي إنها مزنة شكرى (٥) |
فكم فيك من يوم أغرّ محجّل |
|
تقضّت أمانيه فخلّدتها ذكرا |
على مذنّب كالنحر (٦) من فرط حسنه |
|
تودّ الثّريّا أن تكون (٧) له نحرا |
سقت أدمعي والقطر أيهما انبرى |
|
نقا الرّملة البيضاء فالنّهر فالجسرا |
وإخوان صدق لو قضيت حقوقهم |
|
لما فارقت عيني وجوههم الزّهرا |
ولو كنت أقضي حقّ نفسي ولم أكن |
|
لما بتّ أستحلي فراقهم المرّا |
وما اخترت هذا البعد إلّا ضروة |
|
وهل تستجير العين أن تفقد الشّفرا (٨)؟ |
قضى الله أن ينأى (٩) بي الدهر عنهم |
|
أراد بذاك الله أن أعتب الدهرا |
ووالله لو نلت المنى ما حمدتها |
|
وما عادة المشغوف أن يحمد الهجرا |
أيأنس باللّذات قلبي ودونهم |
|
مرام يجدّ الرّكب (١٠) في طيّها شهرا؟ |
ويصحب هادي الليل راء وحرفة |
|
وصادا ونونا قد تقوّس (١١) واصفرّا |
فديتهم بانوا وضنّوا بكتبهم |
|
فلا خبرا منهم لقيت ولا خبرا |
ولو لا علا همّاتهم لعتبتهم |
|
ولكن عراب الخيل لا تحمل الزّجرا |
ضربت غبار البيد في مهرق السّرى |
|
بحيث جعلت الليل في ضربه حبرا |
وحقّقت ذاك الضّرب جمعا وعدّة |
|
وطرحا وتجميلا فأخرج لي صفرا |
كأنّ زماني حاسب متعسّف |
|
يطارحني كسرا ، أما يحسن الجبرا؟ |
فكم عارف بي وهو يحسب (١٢) رتبتي |
|
فيمدحني سرّا ويشتمني جهرا |
__________________
(١) في الأصل : «عشيات» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من النفح.
(٢) في النفح : «غضّ».
(٣) في النفح : «بساط».
(٤) في النفح : «شقرا».
(٥) يقال : عين شكرى : أي ملأى من الدمع ، ويقال : درّة شكرى : أي ملأى من اللبن ؛ والمزنة الشّكرى : الكثيرة المطر. محيط المحيط (شكر).
(٦) في النفح : «كالبحر».
(٧) في النفح : «يكون».
(٨) الشّفر : بضم الشين وسكون الفاء : أصل منبت الشعر في طرف العين. لسان العرب (شفر).
(٩) في النفح : «أن تنأى بي الدار ...».
(١٠) في النفح : «الكرب».
(١١) في النفح : «تقدس».
(١٢) في النفح : «يحسن».