الثاني من (١) معوّل ، فلم يكن إلّا أن صوّب نحو هذا القصد سهمه ، وأمضى فيه عزمه ، وإذا به قد وجّه عنه ، وأدخل (٢) على الخليفة ، فسأله عن مقصده ، فأخبره مفصحا به ، فأنفذه وزاده عليه ، وأخبره أنّ ذلك لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في النّوم يأمره (٣) بقضاء حاجته. فانفصل موفّى الأغراض ، واستمرّ في مدح أهل البيت حتى اشتهر في ذلك (٤).
وفاته : سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ، وسنّه دون الأربعين سنة ، وصلّى عليه أبوه ، فإنه كان بمكان من الدّين (٥) والفضل ، رحمة الله عليه ، وتلقيت من جهات أنه دخل غرناطة ، لما امتدح القائد أبا عبد الله بن صناديد بمدينة جيّان ، حسبما يظهر من عجالته ، من غير تحقيق لذلك.
صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم
ابن علي بن شريف النّفزي (٦)
من أهل رندة ، يكنى أبا الطّيّب.
حاله : قال ابن الزّبير : شاعر مجيد في المدح والغزل ، وغير ذلك. وعنده مشاركة في الحساب والفرائض. نظم في ذلك. وله تواليف أدبية ، وقصائد زهدية ، وجزء على حديث جبريل عليه السلام ، وغير ذلك مما روى عنه. وكان في الجملة معدودا في أهل الخير ، وذوي الفضل والدّين. تكرّر لقائي إياه ، وقد أقام بمالقة أشهرا ، أيام إقرائي. وكان لا يفارق مجالس إقرائي ، وأنشدني كثيرا من شعره.
وقال ابن عبد الملك (٧) : كان خاتمة الأدباء بالأندلس ، بارع التّصرّف في منظوم الكلام ومنثوره ، فقيها حافظا ، فرضيّا ، متفنّنا في معارف شتى (٨) ، نبيل المقاصد (٩) ، متواضعا ، مقتصدا في أحواله. وله مقامات بديعة في أغراض شتّى ، وكلامه ، نظما ونثرا ، مدوّن.
__________________
(١) كلمة «من» ساقطة من النفح.
(٢) في النفح : «فأدخل».
(٣) في النفح : «يأمر».
(٤) في النفح : «بذلك».
(٥) في النفح : «من الفضل والدين».
(٦) ترجمة صالح بن يزيد النفزي في الذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٣٦) ونفح الطيب (ج ٦ ص ٢٤٣).
(٧) الذيل والتكملة (ج ٤ ص ١٣٧).
(٨) في الذيل والتكملة : «جليلة».
(٩) في المصدر نفسه : «المنازع».