محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيّان النّفزي
(١) من أهل غرناطة ، يكنى أبا حيان ، ويلقب من الألقاب المشرقية بأثير الدين.
حاله : كان (٢) نسيج وحده في ثقوب الذهن ، وصحّة الإدراك والحفظ (٣) ، والاضطلاع بعلم العربية ، والتفسير وطريق الرواية ، إمام النّحاة في زمانه غير مدافع ، نشأ ببلده (٤) غرناطة ، مشارا إليه في التبريز بميدان الإدراك ، وتغيير السوابق في مضمار التّحصيل. ونالته نبوة (٥) لحق بسببها بالمشرق ، واستقرّ بمصر ، فنال ما شاء من عزّ وشهرة ، وتأثّل وبرّ (٦) وحظوة ، وأضحى لمن حلّ بساحته من المغاربة ملجأ وعدّة. وكان شديد البسط ، مهيبا ، جهوريا ، مع الدّعابة والغزل ، وطرح السّمت (٧) ، شاعرا مكثرا ، مليح الحديث ، لا يملّ وإن أطال ، وأسنّ جدّا ، وانتفع (٨) به. قال بعض أصحابنا : دخلت عليه ، وهو يتوضّأ ، وقد استقرّ على إحدى رجليه لغسل الأخرى ، كما تفعل البرك والإوزّ ، فقال (٩) : لو كنت اليوم جار شلير (١٠) ، ما تركني لهذا العمل في هذا السّن (١١).
مشيخته : قرأ ببلده على الأستاذ حائز الرياسة أبي جعفر بن الزّبير ولازمه ، وانتسب إليه ، وانتفع به ، وشاد له بالمشرق ذكرا كبيرا. ويقال إنه نادى في الناس عندما بلغه نعيه ، وصلّى عليه بالقاهرة ، وله إليه مخاطبات أدبية اختصرتها ، وعلى الأستاذ الخطيب أبي جعفر علي بن محمد الرّعيني الطبّاع ، والخطيب الصالح وليّ الله أبي الحسن فضل بن محمد بن علي بن إبراهيم بن فضيلة المعافري. وروى عن القاضي المحدّث أبي علي الحسين بن عبد العزيز بن أبي الأحوص الفهري ،
__________________
(١) ترجمة أبي حيان محمد بن يوسف النفزي الغرناطي في الوافي بالوفيات (ج ٥ ص ٢٦٧) والكتيبة الكامنة (ص ٨١) وبغية الوعاة (ص ١٢١) والبدر السافر (ص ١٧٨) ونكت الهميان (ص ٢٨٠) والدرر الكامنة (ج ٥ ص ٧٠) وغاية النهاية (ج ٢ ص ٢٨٥) وشذرات الذهب (ج ٦ ص ١٤٥) والنجوم الزاهرة (ج ١٠ ص ١١١) ونفح الطيب (ج ٣ ص ٢٨٠). والنفزي : نسبة إلى نفزة قبيلة من البربر. بغية الوعاة (ص ١٢١).
(٢) النص في نفح الطيب (ج ٣ ص ٣٢٤ ـ ٣٢٥).
(٣) كلمة «والحفظ» غير واردة في النفح.
(٤) في النفح : «في بلده».
(٥) النّبوة : الجفوة. لسان العرب (نبا).
(٦) في النفح : «وتأثّل ، وافر وحظوة».
(٧) في النفح : «التسمّت».
(٨) في النفح : «فانتفع».
(٩) في النفح : «فقال لي».
(١٠) هو جبل شلير المطلّ على غرناطة والذي تغطيه الثلوج على مدار السنة. وهناك دراسة مفصلة عنه في كتاب مملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر (ص ٤٣ ـ ٤٦) فلتنظر.
(١١) لهنا ينتهي النص في نفح الطيب.