بسم الله الرّحمن الرّحيم
وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلّم
محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن أحمد العزفي (١)
من أهل سبتة ، أبو القاسم بن أبي زكريا بن أبي طالب.
حاله : من أهل الظّرف والبراعة ، والطبع المعين ، والذكاء ، رئيس سبتة ، وابن رؤسائها ، وانتقل إلى غرناطة عند خلعه وانصرافه عن بلده. أقام بها تحت رعي حسن الرّواء ، مألفا للظرفاء ، واشتهر بها أدبه ، ونظر في الطّبّ ودوّن فيه ، وبرع في التّوشيح. ثم انتقل إلى العدوة ، انتقال غبطة وأثرة ، فاستعمل بها في خطط نبيهة ، وكتب عن ملوكها ، وهو الآن بالحالة الموصوفة.
وجرى ذكره في «الإكليل» بما نصّه (٢) : فرع تأوّد من الرئاسة في دوحة ، وتردّد بين غدوة في المجد وروحة ، نشأ والرئاسة العزفيّة تعلّه وتنهله ، والدّهر يسيّر أمله الأقصى ويسهّله ، حتى اتّسقت أسباب سعده ، وانتهت إليه رياسة سلفه من بعده ، فألقت إليه رحالها وحطّت ، ومتّعته بقربها بعدما شطّت. ثمّ كلح له الدهر بعد ما تبسّم ، وعاد زعزعا (٣) نسيمه الذي كان يتنسّم ، وعاق هلاله عن تمّه ، ما كان من تغلّب ابن عمّه ، واستقرّ بهذه البلاد نائي (٤) الدار بحكم الأقدار ، وإن كان نبيه المكانة والمقدار ، وجرت عليه جراية واسعة ، ورعاية متتابعة ، وله أدب كالرّوض باكرته
__________________
(١) ترجمة العزفي في الدرر الكامنة (ج ٤ ص ٥٢) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٣٧٨) وأزهار الرياض (ج ٢ ص ٣٧٨) وجاء في أزهار الأرض أنه ولد بسبتة عام ٦٩٩ ه ، وبويع بها بعد أبيه عام ٧١٩ ه ، وخلع في سنة ٧٢٠ ه ، فكانت دولته ستة أشهر ، وتوفي بفاس سنة ٧٦٨ ه. وقد ذكرنا ذلك ؛ لأن ابن الخطيب لم يذكره هنا كعادته مع سائر التراجم.
(٢) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٧٨).
(٣) الزعزع : الريح الشديدة. لسان العرب (زعزع).
(٤) في نفح الطيب : «نازح».