حاله : كان (١) على طريقة حسنة من دمائة الأخلاق ، وسلامة السّجيّة ، والتزام الحشمة ، والاشتغال بما يعني. ولّي القضاء دون العشرين سنة ، وتصرّف فيه عمره بالجهات الأندلسية ، فأظهر فيه عدلا ونزاهة ، ولم يختلف عليه اثنان مدة حياته من أهل المعرفة بالأحكام ، والتّقدّم في عقد الشّروط ، وصناعة الفرائض ، علما وعملا ، ثاقب الذهن ، نافذا في صنعة العدد.
مشيخته : قرأ (٢) على أبيه القاضي أبي بكر بن زكريا ، وله رواية عالية من أعلام من أهل المشرق والمغرب. وقرأ على أبي الحسن بن فضيلة الوليّ الصالح ، والقاضي أبي عبد الله بن هشام الألشي ، والأستاذ أبي جعفر بن الزبير ، والحاج أبي محمد بن جابر ، وأبي بكر القللوسي. وقرأ العدد وما أشبهه على الأستاذ التّعاليمي أبي عبد الله الرقّام ، ولازمه ، وأجازه طائفة كبيرة. أخبرني ولده الفاضل أبو بكر ، قال : ورد سؤال من تونس مع تاجر وصل في مركب إلى مدينة المنكّب أيام قضائه بها ، في رجل فرّط في إخراج زكاة ماله سنين متعدّدة ، سمّيت في السؤال مع نسبة قدر المال ، وطلب في السؤال أن يكون عملها بالأربعة الأعداد المتناسبة ، إذ عملها بذلك أصعب من عملها بالجبر والمقابلة ، فعملها وأخرجها بالعملين ، وعبّر عنها بعبارة حسنة ، وكتبها في بطاقة بخطّ جميل ، فذكر التاجر أنه لم يبق بتونس فقيه إلّا ونسخ منها نسخة واستحسنها.
مولده : ولد يوم الخميس السابع عشر (٣) لجمادى الآخرة عام خمسة وسبعين وستمائة.
وفاته : توفي قاضيا ببسطة في التاسع عشر من رمضان عام خمسة وأربعين وسبعمائة.
عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك
ابن أبي جمرة الأزدي
من أهل مرسية ، نزيل غرناطة ، يكنى أبا محمد ، وبيته بمرسية من أعلام بيوتاتها ، شهير التّعيّن والأصالة ، ينكح (٤) فيه الأمراء.
__________________
(١) قارن بتاريخ قضاة الأندلس (ص ١٨٩).
(٢) قارن بتاريخ قضاة الأندلس (ص ١٨٩).
(٣) في تاريخ قضاة الأندلس (ص ١٩٠): «مولده منتصف شهر جمادى الآخرة عام ٦٧٥».
(٤) ينكح فيه الأمراء : يريد أن الأمراء كانوا يتزوجون من بناته.