حاله : كان ، رحمه الله ، أديبا ، كاتبا ، شاعرا ، نحويا ، فقيها أصوليّا ، مشاركا في علوم ، محبّا في القراءة ، وطيّا عند المناطرة ، متناصفا ، سنيّا ، أشعري المذهب والنّسب ، مصمّما على طريقة الأشعريّة ، ملتزما لمذهب أهل السّنّة المالكي ، من بقايا الناس وعليتهم ، ومن آخر طلبة الأندلس المشاركين الجلّة ، المصمّمين على مذهب أهل السّنة ، المنافرين للمذاهب الفلسفية والمبتدعة ، والزّيغ. ولّي قضاء مواضع من الأندلس ، منها مدينة شريش ورندة ومالقة ، وأمّ وخطب بجامعها. ثم ولّي قضاء الجماعة (١) بحضرة غرناطة ، وعقد بها مجلسا للإقراء ، فانتفع به طلبتها ، واستمرّ على ذلك ، وكانت ولايته غرناطة نحوا من سبعة أعوام.
مشيخته : أخذ عن أبيه أبي عامر وتفقّه به ، وعن الخطيب أبي جعفر بن يحيى الحميري ، وتلا عليه ، وتأدّب به ، وعن الأستاذ أبي الحسن بن خروف ، وروى مع هؤلاء عن القاضي أبي القاسم بن بقي ، وأبي محمد بن حوط الله ، وأبي عبد الله بن أصبغ ، وغيرهم. وأجاز له الشيخ المسنّ أبو الحسن علي بن أحمد بن علي الغافقي الشّقوري ، وله به علوّ ، وبالأستاذ الخطيب المسنّ أبي جعفر بن يحيى المتقدم.
وفاته : توفي في السابع عشر لشوال سنة ست وستين وستمائة ، ولم يخلف بعده مثله ، ولا من يقاربه.
عبد الله بن إبراهيم بن الزبير بن الحسن
ابن الحسين الثقفي العاصمي
من ولد عاصم بن مسلم ، الداخل في طلعة بلج الملقّب بالعريان ، أخو الأستاذ أبي جعفر بن الزبير ، شقيقه ، يكنى أبا محمد.
حاله : كان طبيبا ماهرا ، كاتبا شاعرا ، ذاكرا للّغة ، صنع (٢) اليدين ، متقدّما في أقرانه نباهة وفصاحة ، معدوم النظير في الشجاعة والإقدام ، يحضر الغزوات ، فارسا وراجلا ، ولقي بفحص غرناطة (٣) ليلا نصرانيا يتجسّس ، فأسره وجرّه ، وأدخله البلد ، ولم يلتفت إلى ثمنه استكتاما لتلك الفعلة.
__________________
(١) قاضي الجماعة في الأندلس ، هو منصب قاضي القضاة بالمشرق.
(٢) صنع اليدين وصنع اليدين : حاذق في الصنعة. لسان العرب (صنع).
(٣) فحص غرناطة : مرج غرناطة الشهير ، وهو عبارة عن سهل أفيح وبسيط شاسع أخضر خصب وغوطة فيحاء مترامية الأطراف ، يطلق عليه بالإسبانية اسم la vega de granada. يقع غربي غرناطة ويمتد غربا حتى مدينة لوشة. مملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر (ص ٤١).