وبنيه ، فعليك بالبريح. فاتجهت أنادي بالأسواق ، وجيران الزّقاق ، من ثقف لي تيسا فله البشارة ، بعد ما أتى بالأمارة ، وإذا برجل قد خرج من دهليز ، وله هدير وهزيز ، وهو يقول : من صاحب العنز المشوم؟ لا عدم به الشّوم ، إن وقعت عليه عيني ، يرتفع الكلام بينه وبيني. قلت : أنا صاحبه فما الذي دهاك منّي ، أو بلغك عنّي. قال : إن عنزك حين شرد ، خرج مثل الأسد ، وأوقع الرّهج في البلد ، وأضرّ بكل أحد ، ودخل في دهليز الفخّارة فقام فيه وقعد ، وكان العمل فيه مطبوخا ونيّا ، فلم يترك منه شيا ، ومنه كانت معيشتي ، وبه استقامت عيشتي ، وأنت ضامن مالي ، فارتفع معي إلى الوالي ، والعنز مع هذا يدور وسط الجمهور ، ويكرّ كرّة العفريت المزجور ، ويأتي بالكسر على ما بقي في الدّهليز من الطّواجن والقدور ، والخلق قد انحسروا للضجيج ، وكثر العياط والعجيج ، وأنت تعرف عفرطة الباعة ، وما يحوون من الوضاعة ، وأنا أحاول من أخذه ما أستطيع ، وأروم الإطاعة من غير مطيع ، والباعة قد أكسبته من الحماقة ، ما لم يكن لي به طاقة. ورجل يقول : المحتسب ، واعرف ما تكتسب ، وإلى من تنتسب ، فقد كثر عنده بك التّشكّي ، وصاحب الدهليز قبالته يبكي ، وقد وجد عنده عليك وجد الشكوى ، وأيقن أنك كسرت الدّعوى ، وأمر بإحضارك ، وهو في انتظارك ، فشدّ وسطك ، واحفظ إبطك ، وإنك تقوم على من فتح باعه للحكم على الباعة ونصب لأرباب البراهين ، على أرباب الشّواهين ، ورفع على طبقة ، ليملأ طبقة ، ثم أمسكني باليمين ، حتى أوصلني للأمين ، فقال لي : أرسلت التّيس للفساد ، كأنك في نعم الله من الحسّاد. قلت : إنه شرد ، ولم أدر حيث ورد. قال : ولم لا أخذت ميثاقه ، ولم تشدّد وثاقه ، يا شرطي طرّده ، واطرح يدك فيه وجرّده. قلت : أتجرّدني الساعة ، ولست من الباعة؟ قال : لا بدّ من ذاك ، أو تضمن ما أفسده هناك؟ قلت : الضّمان الضّمان ، الأمان الأمان. قال : قد أمّنت ، إن ضمنت ، وعليك الثّقاف ، حتى يقع الإنصاف ، أو ضامن كاف ، فابتدر أحد إخواني ، وبعض جيراني ، فأدّى عني ما ظهر بالتّقدير ، وآلت الحال للتّكدير. ثم أردت الانصراف بالتّيس ، لا كان كيانه ، ولا كوّن مكانه ، وإذا بالشّرطي قد دار حولي ، وقال لي : كلف فعلي بأداء جعلي ، فقد عطّلت من أجلك شغلي ، فلم يك عندي بما تكسر سورته ، ولا بما تطفي جمرته ، فاسترهن مئزري في بيته ليأخذ مايته. وتوجّهت لداري ، وقد تقدّمت أخباري ، وقدمت بغباري ، وتغيّر صغاري وكباري ، والتّيس على كاهل الحمّال يرغو كالبعير ، ويزأر كالأسد إذا فصلت العير ، فلقت للحمال : أنزله على مهل ، فهلال التّعييد قد استهلّ ، فحين طرحه في الأسطوان ، كرّ إلى العدوان ، وصرخ كالشيطان ، وهمّ أن يقفز الحيطان ، وعلا فوق الجدار ، وأقام الرّهجة في الدار ، ولم تبق في الزقاق عجوز إلّا وصلت لتراه ، وتسأل عمّا اعتراه ، وتقول : بكم اشتراه ، والأولاد قد دارت به