وأرهقهم لهفه ، ودخل قلوبهم خوفه ، فابتدرت ربّة البيت ، وقالت : كيت وكيت ، لا خلّ ولا زيت ، ولا حيّ ولا ميت ، ولا موسم ولا عيد ، ولا قريب ولا بعيد ، سقت العفريت إلى المنزل ، ورجعت بمعزل ، ومن قال لك اشتره ، ما لم تره ، ومن قال لك سقه ، حتى توثّقه ، ومتى تفرح زوجتك ، والعنز أضحيتك ، ومتى تطبخ القدور ، وولدك منه معذور ، وبأيّ قلب تأكل الشّويّة ، ولم تخلص لك فيه النيّة ، ولقلّة سعدها ، وأخلف وعدها ، والله لو كان العنز ، يخرج الكنز ، ما عمر لي دارا ، ولا قرب لي جوارا ، اخرج عني يا لكع ، فعل الله بك وصنع ، وما حبسك عن الكباش السّمان ، والضّأن الرّفيعة الأثمان ، يا قليل التّحصيل ، يا من لا يعرف الخياطة ولا التّفصيل ، أدلّك على كبش سمين ، واسع الصدر والجبين ، أكحل عجيب ، أقرن مثل كبش الخطيب ، يعبق من أوداكه كلّ طيب ، يغلب شحمه على لحمه ، ويسيل الودك من عظمه ، قد علف بالشّعير ، ودبّر عليه أحسن تدبير ، لا بالصّغير ولا بالكبير ، تصلح منه الألوان ، ويستطرف شواه في كل أوان ، ويستحسن ثريده وقديده في سائر الأحيان ، قلت : بيّني لي قولك ، لأتعرّف فعلك ، وأين توجد هذه الصّفة ، يا قليلة المعرفة. قالت : عند مولانا ، وكهفنا ومأوانا ، الرئيس الأعلى ، الشّهاب الأجلى ، القمر الزّاهر ، الملك الظّاهر ، الذي أعزّ المسلمين بنعمته ، وأذلّ المشركين بنقمته. واسترسل في المدح فأطال وفيما ثبت كفاية.
وفاته : في كائنة الطاعون ببلده بلّش في أواخر عام خمسين وسبعمائة ، ودفن بها.
عبد الله بن إبراهيم بن وزمّر الحجاري (١) الصّنهاجي
الأديب المصنّف ، يكنى أبا محمد.
حاله وأوليته : أبوه أديب مدينة الفرج بوادي الحجارة (٢) ، المصنّف للمأمون بن ذي النون (٣) كتاب «مغنيطاس الأفكار ، فيما تحتوي عليه مدينة الفرج من النظم والنثر
__________________
(١) عبد الله بن إبراهيم الحجاري ، ينسب إلى وادي الحجارة بالأندلس ، توفي سنة ٥٢٠ ه ، وترجمته في المغرب (ج ٢ ص ٣٥) ونفح الطيب (ج ٣ ص ٩١) و (ج ٤ ص ١٦١) و (ج ٤ ص ١١٢ ، ٢٦٥) ، وكشف الظنون (ص ٦٤٦ ، ١٦٨٥) وهدية العارفين (ج ١ ص ٤٥٧).
(٢) وادي الحجارة : بالإسبانيةguadalajara ، وهي مدينة أندلسية تعرف بمدينة الفرج ، بينها وبين طليطلة ٦٥ ميلا. الروض المعطار (ص ٦٠٦).
(٣) المأمون بن ذي النون هو يحيى بن إسماعيل ، أحد ملوك الطوائف بالأندلس ، حكم طليطلة من سنة ٤٣٥ ه إلى سنة ٤٦٧ ه. ترجمته في البيان المغرب (ج ٣ ص ١٦٥) وأزهار الرياض (ج ٢ ص ٢٠٧). وفي مواطن متفرقة من الذخيرة.