وقال يوما شيخنا أبو الحسن بن الجيّاب هذين البيتين على عادة الأدباء في اختبار الأذهان (١) : [الخفيف]
جاهد النّفس جاهدا فإذا ما |
|
فنيت عنك فهي عين الوجود |
وليكن حكمك (٢) المسدّد فيها |
|
حكم سعد (٣) في قتله لليهود |
قال : فأجابه أبو محمد بن أبي المجد (٤) : [الخفيف]
أيها العارف المعبّر ذوقا |
|
عن معان غزيرة في الوجود |
إنّ حال الفناء (٥) عن كلّ غير |
|
كمقام (٦) المراد غير المريد |
كيف لي بالجهاد غير معان |
|
وعدويّ (٧) مظاهر بجنود؟ |
ولو أنّي حكمت فيمن ذكرتم |
|
حكم سعد لكنت جدّ سعيد |
فأراها صبابة (٨) بي فتونا |
|
وأراني في حبّها كيزيد |
سوف أسلو بحبكم (٩) عن سواها |
|
ولو أبدت فعل المحبّ الودود |
ليس شيء سوى إلهك يبقى |
|
واعتبر صدق ذا بقول لبيد (١٠) |
وفاته : توفي ، رحمه الله ، ليلة النصف من شعبان المكرم عام تسعة وثلاثين وسبعمائة. وكان يجمع الفقراء ويحضر طائفتهم ، وتظهر عليه حال لا يتمالك معها ، وربما أوحشت من لا يعرفه بها.
عبد الله بن فارس بن زيان
من بني عبد الوادي ، تلمساني ، يكنى أبا محمد ، وينتمي إلى بني زيّان من بيت أمرائهم.
__________________
(١) البيتان في نفح الطيب (ج ٧ ص ٤٣١).
(٢) في النفح : «حكمها».
(٣) هو سعد بن معاذ ، سيّد الأنصار ، حكّمه النبيّ صلى الله عليه وسلم ، في يهود بني قريظة.
(٤) الأبيات في نفح الطيب (ج ٧ ص ٤٣١ ـ ٤٣٢).
(٥) في الأصل : «الفنا» وكذا لا يستقيم الوزن ، والتصويب من النفح.
(٦) في الأصل : «لمقام» والتصويب من النفح.
(٧) في الأصل : «وعدوّه» ، والتصويب من النفح.
(٨) في النفح : «حبابة».
(٩) في النفح : «بنصحكم عن هواها».
(١٠) يشير إلى قول لبيد بن ربيعة العامري : [الطويل]
ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل |
|
وكلّ نعيم ، لا محالة ، زائل |
ديوان لبيد بن ربيعة العامري (ص ١٣٢).