كذا نقلت من خط صاحبنا الفقيه القاضي أبي الطاهر ... (١) قاضي الجماعة أبي جعفر بن فركون ، وله بأحواله عناية ، وله إليه تردّد كثير وزيارة. قال : ورد الأندلس مع أبيه ، وهو طفل صغير ، واستقرّ بقتّورية في ديوان غزانها. ولما توفي أبوه سلك مسلكه برهة ، ورفض ذلك ، وجعل يتردّد بين الولد ، وانقطع لشأنه.
حاله : هذا الرجل غريب النّزعة في الانقطاع عن الخلق ، ينقطع ببعض جبال بني مشرف ، واتخذ فيها كهوفا وبيوتا من الشّعر أزيد من أربعين عاما ، وهلمّ جرّا ، منفردا ، لا يداخل أحدا ، ولا يلابسه من العرب ، ويجعل الحلفاء في عنقه ... (٢) اختلف فيه ، فمن ناسب ذلك إلى التّلبيس وإلى لوثة تأتيه ، وربما أثاب بشيء ، ويطلبون دعاءه ومكالمته ، فربما أفهم ، وربما أبهم.
محنته : ذكروا أنه ورث عن أخ له مالا غنيّا ، وقدم مالقة ، وقد سرق تاجر بها ذهبا عينا ، فاتّهم بها ، فجرت عليه محنة كبيرة من الضّرب الوجيع ، ثم ظهرت براءته ، وطلب الحاكم الجائر منه العفو ، فعفا عنه ، وقال : لله عندي حقوق وذنوب ، لعلّ بهذا أكفّرها ، وصرف عليه المال فأباه ، وقال : لا حاجة لي به فهو مال سوء ، وتركه وانصرف ، وكان من أمر انقطاعه ما ذكر.
شيء من أخباره : استفاض عنه بالجهة المذكورة شفاء المرضى ، وتفريج الكربات ... (٣) ، إلى غير ذلك من أخبار لا تحصى كثيرة. وهو إلى هذا العهد بحاله الموصوفة ، وهو عام سبعين وسبعمائة.
مولده : بتلمسان عام تسعين وستمائة. ودخل غرناطة غير ما مرة.
عبد الله بن فرج بن غزلون اليحصبي (٤)
يعرف بابن العسّال ، ويكنى أبا محمد ، طليطلي الأصل. سكن غرناطة واستوطنها ، الصالح المقصود التّربة ، المبرور البقعة ، المفزع لأهل المدينة عند الشّدة.
__________________
(١) بياض في الأصول.
(٢) بياض في الأصول.
(٣) بياض في الأصول.
(٤) ترجمة ابن العسال في الصلة (ص ٤٣٥) والمغرب (ج ٢ ص ٢١) ورايات المبرزين (ص ١٤٠) وفيهما : «أبو محمد عبد الله العسال». ومعجم السفر (ص ٢٢٣) وفيه أنه : «عبد الله بن محمد بن أحمد الطليطلي الواعظ ، المعروف بابن العسال» ونفح الطيب (ج ٤ ص ١٨٣ ، ٢٠٠) و (ج ٦ ص ١٢١).