حاله : قال ابن الصّيرفي : كان ، رحمه الله ، فذّا في وقته ، غريب الجود ، طرفا في الخير والزهد والورع ، له في كل جو متنفّس ، يضرب في كل علم بسهم ، وله في الوعظ تواليف كبيرة ، وأشعاره في الزهد مشهورة ، جارية على ألسنة الناس ، أكثرها كالأمثال جيّدة الرّصعة ، صحيحة المباني والمعاني. وكان يحلّق في الفقه ، ويجلس للوعظ. وقال الغافقي (١) : كان فقيها جليلا ، زاهدا ، متفنّنا ، فصيحا لسنا ، الأغلب عليه حفظ الحديث والآداب والنحو ، حافظا ، عارفا بالتفسير ، شاعرا مطبوعا. كان له مجلس ، يقرأ عليه فيه الحفظ والتفسير ، ويتكلّم عليه ، ويقصّ (٢) من حفظه أحاديث. وألّف في أنواع من العلوم ، وكان يعظ الناس بجامع غرناطة ، غريبا في قوته ، فذّا في دهره ، عزيز الوجود.
مشيخته : روى (٣) عن أبي محمد مكّي بن أبي طالب ، وأبي عمرو المقرئ الدّاني ، وأبي عمر بن عبد البرّ ، وأبي إسحاق إبراهيم بن مسعود الإلبيري الزاهد ، وعن أبيه فرج ، وعن أبي زيد الحشاء القاضي ، وعن القاضي أبي الوليد الباجي.
شعره : وشعره كثير ، ومن أمثل ما روي منه قوله : [مخلع البسيط]
لست وجيها لدى إلهي |
|
في مبدإ الأمر والمعاد |
لو كنت وجها (٤) لما براني |
|
في عالم الكون والفساد |
وفاته : توفي ، رحمه الله ، يوم الاثنين لعشر خلون من رمضان عام سبعة وثمانين وأربعمائة ، وألحد ضحى يوم الثلاثاء بعده بمقبرة باب إلبيرة بين الجبانتين. ويعرف المكان إلى الآن بمقبرة العسّال. وكان له يوم مشهود ، وقد نيّف على الثمانين ، رحمه الله ، ونفع به.
ومن الملوك والأمراء والأعيان والوزراء
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله [بن محمد](٥)
ابن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن
ابن معاوية ، أمير المؤمنين ، الناصر لدين الله (٦)
الخليفة الممتّع ، المجدود ، المظفّر ، البعيد الذكر ، الشهير الصيت.
__________________
(١) قارن بالصلة (ص ٤٣٥).
(٢) في الصلة «وينصّ».
(٣) قارن بالصلة (ص ٤٣٥).
(٤) في الأصل : «وجيها» وهكذا ينكسر الوزن.
(٥) ما بين قوسين ساقط في الأصول ، وقد أضفناه من المصادر التي ترجمت لعبد الرحمن الناصر.
(٦) ترجمة عبد الرحمن الناصر في تاريخ علماء الأندلس (ص ٣١) وأعمال الأعلام (القسم الثاني ـ