دخوله غرناطة : ورد (١) على الأندلس في أوائل (٢) شهر ربيع الأول من عام أربعة وستين وسبعمائة ، واهتزّ له السلطان ، وأركب خاصّته لتلقّيه ، وأكرم وفادته ، وخلع عليه ، وأجلسه بمجلسه الخاص (٣) ، ولم يدّخر عنه برّا ومؤاكلة ومطايبة وفكاهة.
وخاطبني لما حلّ بظاهر الحضرة مخاطبة لم تحضرني الآن ، فأجبته عنها بقولي (٤) : [الطويل]
حللت حلول الغيث في البلد المحل |
|
على الطائر الميمون والرّحب والسّهل |
يمينا بمن تعنو الوجوه لوجهه |
|
من الشّيخ والطفل المهدّإ (٥) والكهل |
لقد نشأت عندي للقياك غبطة |
|
تنسّي اغتباطي بالشّبيبة والأهل (٦) |
أقسمت (٧) بمن حجّت قريش لبيته ، وقبر صرفت أزمّة الأحياء لميته ، [ونور ضربت الأمثال بمشكاته (٨) وزيته ، لو خيّرت أيها الحبيب](٩) الذي زيارته الأمنية السّنيّة ، والعارفة الوارفة ، واللطيفة المطيفة ، بين رجع الشّباب يقطر ماء ، ويرفّ نماء ، ويغازل عيون الكواكب ، فضلا عن الكواعب ، إشارة وإيماء ، بحيث لا الوخط (١٠) يلمّ بسياج لمّته ، أو يقدح ذبالة (١١) في ظلمته ، أو يقوم حواريّه في ملّته (١٢) ، من الأحابش وأمّته ، وزمانه روح وراح ، ومغدى في النّعيم ومراح ، وقصف صراح (١٣) ، [ورقّى (١٤) وجراح ،](١٥) وانتحاب (١٦) واقتراح ، وصدور ما بها إلّا انشراح ، ومسرّات تردفها أفراح. وبين قدومك خليع الرّسن ، ممتّعا والحمد
__________________
(١) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٠٨).
(٢) في النفح : «أول ربيع الأول عام ...».
(٣) كلمة «الخاص» غير واردة في النفح.
(٤) الرسالة ، بما فيها الأبيات ، في التعريف بابن خلدون (ص ٨٢) وريحانة الكتاب (ج ٢ ص ١٨٥ ـ ١٨٦) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٣٠٨ ـ ٣٠٩).
(٥) في ريحانة الكتاب : «المعصّب».
(٦) جاء في الريحانة بعد هذا البيت البيت التالي :
وودّي لا يحتاج فيه لشاهد |
|
وتقريري المعلوم ضرب من الجهل |
(٧) في الريحانة : «يمينا بربّ حجّت ...».
(٨) المشكاة هنا : المصباح.
(٩) ما بين قوسين ساقط في الأصل ، وقد أضفناه من المصادر.
(١٠) الوخط : الشّيب. لسان العرب (وخط).
(١١) الذّبالة : الفتيلة. لسان العرب (ذبل).
(١٢) في الريحانة : «لمتّه».
(١٣) في الريحانة : «ونصب وصراح».
(١٤) في الأصل : «ورفى» ، والتصويب من النفح والتعريف.
(١٥) ما بين قوسين ساقط في الريحانة.
(١٦) في الأصل : «وانتخاب» ، وكذلك في الريحانة ، والتصويب من النفح.