نصر ، المستقرّ موادعا بوادي آش ، وأوقع بجيش المسلمين مظاهر الطاغية ، الوقيعة الشّنيعة بقرمونة ، وأقام لديه مدّة. ثم لحق بأرض النّصري ، وأجاز البحر إلى سبتة ، مظاهرا لأميرها أبي عمرو يحيى بن أبي طالب العزفي ، وقد كشف القناع في منابذة طاعة السلطان ، ملك المغرب ، وكان أملك لما بيده ، وأتيح له ظفر عظيم على الجيش المضيّق على سبتة ، فبيّته وهزمه. وتخلّص له ولده ، الكائن بمضرب أمير الجيش في بيت من الخشب رهينة ، فصرف عليه ، فما شئت من ذياع شهرة ، وبعد صيت ، وكرم أحدوثة. ثم بدا له في التّحول إلى تلمسان ، فانتقل إليها ، وأقام في إيالة ملكها عبد الرحمن بن موسى بن تاشفين إلى آخر عمره.
وفاته : توفي يوم دخول مدينة تلمسان عنوة ، وهو يوم عيد الفطر من عام ثمانية وثلاثين وسبعمائة ، قتل على باب منزله ، يدافع عن نفسه ، وعلى ذلك فلم يشهر عنه يومئذ كبير غناء ، وكوّر واستلحم ، وحزّ رأسه. وكان أسوة أميرها في المحيا والممات ، رحم الله جميعهم ، فانتقل بانتقاله وقتل بمقتله. وكان أيضا علما من أعلام الحروب ، ومثلا في الأبطال ، وليثا من ليوث النّزال.
عبد الملك بن علي بن هذيل الفزاري وعبد الله أخوه (١)
حالهما : قال ابن مسعدة : أبو محمد وأبو مروان تولّيا خطّة الوزارة في الدولة الحبّوسية (٢) ، ثم تولّيا القيادة بثغور الأندلس ، وقهرا ما جاورهما من العدوّ ، وغلباه ، وسقياه كأس المنايا ، وجرّعاه. ولم يزالا قائمين على ذلك ، ظاهرين علمين ، إلى أن استشهدا ، رحمهما الله.
عبد القهار بن مفرج بن عبد القهار بن هذيل الفزاري
حاله : قال ابن مسعدة : كان بارع الأدب ، شاعرا ، نحويا ، لغويا ، كاتبا متوقّد الذهن ، عنده معرفة بالطّب ، ثم اعتزل الناس ، وانقبض ، وقصد سكنى البشارات (٣) ؛ لينفرد بها ، ويخفي نفسه ؛ فرارا من الخدمة ، فتهيّأ له المراد.
__________________
(١) راجع أخبارهما في : مملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر (ص ١٠٩).
(٢) نسبة إلى حبوس بن ماكسن بن زيري بن مناد ، وقد حكم غرناطة في عصر ملوك الطوائف من سنة ٤١٠ ه إلى سنة ٤٢٩ ه. انظر أخباره مفصلة في : مملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر (ص ١٠٥ ـ ١١٧).
(٣) البشارات أو البشرّات alpujarras ، هي المنطقة الجبلية الواقعة جنوب سفوح جبل شلير ، على مقربة من البحر المتوسط. نفح الطيب (ج ١ ص ١٥٠) و (ج ٤ ص ٥٢٤ ـ ٢٢٥) ومملكة غرناطة (ص ٤٦).