وكتب إلى الأمير عبد الرحمن في ليلة عاشوراء (١) : [البسيط]
لا تنس لا ينسك الرحمن عاشورا (٢) |
|
واذكره لا زلت في الأحياء (٣) مذكورا |
قال الرسول (٤) ، صلاة الله تشمله ، |
|
قولا وجدنا عليه الحقّ والنّورا |
من بات في ليل عاشوراء ذا سعة |
|
يكن بعيشه في الحول محبورا |
فارغب ، فديتك ، فيما فيه رغبتنا (٥) |
|
خير الورى كلّهم حيّا ومقبورا |
وفاته : توفي في ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين ، وقيل : تسع وثلاثين ومائتين (٦). قال ابن خلف : كان يقول في دعائه : إن كنت يا ربّ راضيا عني ، فاقبضني إليك قبل انقضاء سنة ثمان وثلاثين ، فقبضه الله في أحبّ الشهور إليه ، رمضان من عام ثمانية وثلاثين ، وهو ابن أربع وستين سنة (٧) ، وصلّى عليه ولده محمد ، ودفن بمقبرة أم سلمة بقبلي محراب مسجد الضّيافة من قرطبة. قالوا : والخبر متصل ، إنه وجد جسده وكفنه وافرين لم يتغيّرا بعد وفاته ، بتسع وأربعين سنة ، وقطعت من كفنه قطعة رفعت إلى الأمير عبد الله ، وذلك عندما دفن محمد بن وضّاح إلى جنبه ، رحمهم الله. ورثاه أبو عبد الله الرشّاش وغيره ، فقال : [الطويل]
لئن أخذت منّا المنايا مهذّبا |
|
وقد قلّ فيها من يقال المهذّب |
لقد طاب فيه الموت والموت غبطة |
|
لمن هو مغموم الفؤاد معذّب |
ولأحمد بن ساهي فيه : [البسيط]
ما ذا تضمّن قبر أنت ساكنه |
|
من التّقى والنّدى يا خير مفقود |
عجبت للأرض في أن غيّبتك وقد |
|
ملأتها حكما في البيض والسّود |
قلت : فلو لم يكن من المفاخر الغرناطية إلا هذا الحبر لكفى.
__________________
(١) الأبيات الأول والثالث والرابع في البيان المغرب (ج ٢ ص ١١١) ، والبيتان الأول والثاني فقط في نفح الطيب (ج ٢ ص ٢٢٦) ، كتبها إلى أمير الأندلس عبد الرحمن بن الحكم ، المعروف بعبد الرحمن الثاني.
(٢) في الأصل : «عاشوراء» والتصويب من المصدرين.
(٣) في البيان المغرب : «في الأخيار». وفي النفح : «في التاريخ».
(٤) في النفح : «النبيّ».
(٥) في البيان المغرب : «رغّبنا».
(٦) في جذوة المقتبس (ص ٢٨٣) وبغية الملتمس (ص ٣٧٧) : توفي بقرطبة في شهر رمضان سنة ٢٣٨ ه ، وقيل : يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة ٢٣٩ ه.
(٧) في مطمح الأنفس (ص ٢٣٥) : توفي في رمضان سنة ٢٣٨ ه ، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة.
وفي معجم البلدان (ج ١ ص ٢٤٥) : توفي سنة ٢٣٨ ه. بعلّة الحصى عن أربع وستين سنة.