ولم يطل العهد حتى تقدّمت في جامعها الأعظم خطيبا وإماما ، وارتسمت في هذه الخطّة التي ما زالت على من أحسن تماما ، وذلك في أواخر عام ثمانية وثلاثين. ثم ولّيت القضاء بها ، وبما يرجع إليها من النّظر ، في شهر ربيع الأول من عام ثلاثة وأربعين ، واستمرّت الولاية إلى حين انتقالي للحضرة ، آخر رجب من عام ستة وخمسين ، أسأل الله الإقالة والصّفح عما اقترفت من خطإ أو زلل ، أو ارتكبته من عمد وسهو ، في قول أو عمل ، بمنّه.
وأمّا أشياخي ، فإني قرأت بالحضرة على الأستاذ الخطيب أبي الحسن القيجاطي ، والأستاذ الخطيب أبي القاسم بن جزي. وبمالقة على الأستاذ القاضي أبي عمرو بن منظور. وبألمريّة على الأستاذ القاضي أبي الحسن بن أبي العيش ، وسيّدي القاضي أبي البركات ابن الحاج ، والأستاذ أبي عثمان بن ليون ، وبوادي آش على الأستاذ القاضي أبي عبد الله بن غالب ، والأستاذ أبي عامر بن عبد العظيم. على كل هؤلاء قرأت قراءة تفقّه ، وعرضت على أكثرهم جملة كتب في النحو والفقه والأدب ، أكبرها كتاب المقامات للحريري ، وأمّا من لقيته من المشايخ واستفدت ، منهم أبو الحسن بن الجيّاب بالحضرة ، وبمالقة القاضي أبو عبد الله بن بكر ، والقاضي أبو عبد الله بن عيّاش ، والأستاذ أبو عبد الله بن حفيد الأمين. ومن لقيته لقاء بترك ، سيدي أبو جعفر بن الزيات ببلّش. وبمالقة الخطيب أبو عبد الله السّاحلي ، والصّوفي أبو الطاهر بن صفوان ، والمقرئ أبو القاسم بن درهم. وبألمرية الخطيب أبو القاسم بن شعيب ، والخطيب ابن فرحون. ولقيت أيضا القاضي أبا جعفر بن فركون القرشي ، والقاضي الخطيب أبا محمد بن الصايغ. وممن رأيته بوادي آش ، وأنا إذ ذاك في المكتب ، وأخذت بحظّ من التبرّك به ، سيدي أبو عبد الله الطّنجالي نفع الله به. والحمد لله ربّ العالمين.
شعره : من مطولاته قوله : ومن خطّه نقلت (١) : [الطويل]
ألا أيّها اللّيل البطيء الكواكب |
|
متى ينجلي صبح بنيل المآرب؟ |
وحتى متى أرعى النجوم مراقبا |
|
فمن طالع منها على إثر غارب (٢) |
أحدّث نفسي أن أرى الرّكب سائرا |
|
وذنبي يقصيني بأقصى المغارب |
__________________
(١) القصيدة في نفح الطيب (ج ١٠ ص ١٣٩ ـ ١٤١).
(٢) أخذه من قول ابن خفاجة : [الطويل]
وحتى متى أرعى الكواكب ساهرا |
|
فمن طالع ، أخرى الليالي ، وغارب |
ديوان ابن خفاجة (ص ٤٣).