عبد الملك بن سعيد بن خلف العنسي (١)
من أهل قلعة يحصب (٢) من عمل إلبيرة.
حاله ونسبه : هو عبد الملك بن سعيد بن خلف بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن عثمان بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن عمّار بن ياسر ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان عينا من أعيان الأندلس ، مشارا إليه في البيت والرأي ، والجزالة والفضل. علقت به الآمال ، ورفعت إليه الممادح ، وحطّت لديه الرّحال. وكان من أولي الجلالة والنّباهة ، والطّلب والكتابة الحسنة ، والخطّ البارع. واشتمل على حظوة الأمير يحيى بن غانية اللّمتوني ، وكتب عنه. بلده قلعة بني سعيد ، فثقفها ، وجعل بها أكبر بنيه عبد الرحمن ضابطا لها وحارسا ، فحصّنها أبو مروان ومهدها بالعمارة ، فكانت في الفتنة مثابة وأمنا ، وحرزا له ولبنيه ، فانجلت الناس إليها من كل مكان. ولما قبض ابن غانية على القمط مرين وأصحابه النصارى عندما وصلوا لاستنجاز الوعد في الخروج عن جيّان ، وتحصّلوا بيده بإشارة عبد الملك بن سعيد ، حسبما ثبت في اسم الأمير يحيى ، ثقّفهم بالقلعة بيد ثقته المذكور وأمينه أبي مروان ، فتحصلوا في معقل حريز ، عند أمير وافر العقل ، سديد الرأي. ومات ابن غانية بغرناطة لأيام قلائل ، واختلف قومه ، فنظر أبو مروان لنفسه ، وعاهد القمط مرين ومن معه من الزعماء على عهود ، أخذها عليهم وعلى سلطانهم ، أن يكون تحت أمن وحفظ طول مدّته ، فأجريت القلعة في الأمن والحماية ، وكفّ أيدي التّعدّي مجرى ما لملك النّصري (٣) من البلاد ، فشمل أهلها الأمن ، واتسعت فيها العمارة ، وتنكبتها النّكبات ، وتحاشتها الغارات. ولم يزل أبو مروان بها إلى أن دخل في أمر الموحدين. ووصل هو وابنه إلى السيد أبي سعيد بغرناطة ، وحضر معه غزوة ألمريّة ، ثم دخل بجملته ، فكمل له الأمن ، وأقرّ على القلعة ، وأمر بسكنى غرناطة بولده. ثم وصل ثانية إلى مراكش صحبة السيد أبي سعيد ، ولقي من البرّ ولطف المكانة عادته ، واستكتب ابنه أحمد بن أبي مروان الخليفة في هذه الوجهة ، وانتظم في جملة الكتّاب والأصحاب.
__________________
(١) ترجمة عبد الملك بن سعيد في المغرب (ج ٢ ص ١٦١) ورايات المبرزين (ص ١٦٩) ونفح الطيب (ج ٣ ص ٩١ ، ٩٧) و (ج ٤ ص ١٦١) و (ج ٥ ص ٧٩).
(٢) قلعة يحصب : بالإسبانيةalcala la real ، أي القلعة الملكية ، وتعرف أيضا بقلعة يعقوب أو القلعة السعدية ، أي قلعة بني سعيد. مملكة غرناطة في عهد بني زيري (ص ٦٢).
(٣) النصري هنا النصراني ، والمراد : أن تنعم قلعة بني سعيد بالأمن كما تنعم بلاد النصارى.