محنته : وعاد أبو مروان وبنوه إلى غرناطة صحبة واليها السّيد أبي سعيد ، فبقي في جملة العسكر عند دخول ابن مردنيش وصهره غرناطة ، وقد اضطربت الفتنة ، وفسد ما بين السيد وبين أبي جعفر بن أبي مروان منهم ، بما تقدّم في اسمه من حديث حفصة (١). ولما ظهرت دلائل التغيير ، وخافوا على أنفسهم ، أداروا الرأي في الانحياز إلى خدمة ابن مردنيش ، ونهاهم والدهم أبو مروان ، وأشار عليهم بمصابرة الأمر ، فلحق عبد الرحمن بالقلعة ، وفرّ أحمد لما انكشف الأمر ، وعثر عليه بجهة مالقة ، فقتل ، وانجرّت بسبب ذلك النكبة على عبد الملك وابنه محمد ، فبقيا بغرناطة ، ومن يشار إليه من أهل بيتهما ، واستصفيت أموالهما ، واستخلصت (٢) ضياعهما ، إلى أن ورد كتاب الخليفة أبي يوسف يعقوب بن عبد المؤمن بن علي بإطلاقهم وردّ أموالهم ، بما اقتضته السياسة من استمالة من نزع منهم عن الطاعة ، وأمر عبد الملك باستيلاف نافرهم. ولما هلك ابن مردنيش ، وردّ من اتصل به صحبة المستأمنين من أولاد الأمير الهالك ، فقدموا على رحب وسعة ، وثاب جاه أبي مروان ، واتصل عزّه ، واتسعت حظوته ، إلى أن هلك بعد أن ولي بمراكش النّظر في العدّة والأسلحة ، والقيام على دار الصّنعة.
وفاته : بغرناطة سنة ستين وخمسمائة.
عبد العزيز بن علي بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد
ابن عبد العزيز بن يست (٣)
من أهل غرناطة ، يكنى أبا سلطان.
حاله : فاضل (٤) ، حييّ ، حسن الصورة ، بادي الحشمة ، فاضل البيت سريّه. كتب في ديوان الأعمال (٥) ، وترقّى إلى الكتب (٦) مع الجملة بالدار السلطانية ، وسفر في بعض الأغراض الغربية ، ولازم الشيخ أبا بكر (٧) بن عتيق بن مقدّم ، من شيوخ (٨) الصّوفية بالحضرة ، فظهرت عليه آثار ذلك في نظمه ومقاصده الأدبية (٩).
__________________
(١) تقدم ذلك في ترجمة حفصة في الجزء الأول من الإحاطة.
(٢) أي صارت في المستخلص ، أو ضمن أملاك الدولة.
(٣) ترجمة ابن يست في الكتيبة الكامنة (ص ٢٩٣) وفيه : «بن برشيت» ، وفي نفح الطيب (ج ٨ ص ٢٤٧ ، ٢٤٩) وفيه : «بن يشت».
(٤) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٢٤٩ ـ ٢٥٠).
(٥) في النفح : «الأعمال فأتقن ، وترقّى».
(٦) في النفح : «إلى الكتابة السلطانية».
(٧) في النفح : «أبا بكر عتيق ...».
(٨) في النفح : «مشيخة».
(٩) كلمة «الأدبية» غير واردة في النفح.