بالحمّة المذكورة ، فقرّب النّجعة على أهل الحصون والقرى الشّرقية ، فصار مجتمعا لأرباب الطّلب من أهل تلك الجهات ومرتفقاتهم. وكان رجلا صالحا ، مبارك النيّة ، حسن التّعليم ، نفع الله به من هنالك ، وتخرّج على يديه جمع وافر من الطّلبة ، عمرت بهم سائر الحصون. وكان له منزل رحب للقاصدين ، ومنتدى عذب للواردين. تجول في آخرة بالأندلس والعدوة (١) ، وأخذ عمن لقي بها من العلماء ، وأقام مدّة بسبتة مكبّا على قراءة القرآن والعربية. وبعد عوده من تجواله لزم التصدّر للإقراء بحيث ذكر ، وقد كانت الحواضر فقيرة لمثله ، غير أنه آثر الوطن ، واختار الاقتصاد.
مشيخته : أخذ بألمريّة عن شيخها أبي الحسن بن أبي العيش ، وبغرناطة عن الأستاذ أبي جعفر بن الزّبير ، والعدل أبي الحسن بن مستقور. وببلّش عن الأستاذ أبي عبد الله بن الكمّاد ، والخطيب أبي جعفر بن الزيات. وبمالقة عن الأستاذ أبي عبد الله بن الفخّار ، والشّيخ أبي عبد الله محمد بن يحيى بن ربيع الأشعري.
وبالجزيرة عن خطيبها أبي العبّاس بن خميس. وبسبتة عن الأستاذ أبي إسحاق الغافقي ، والخطيب أبي عبد الله بن رشيد ، والإمام الصالح أبي عبد الله محمد بن محمد بن حريث ، والقاضي أبي عبد الله القرطبي ، والزّاهد أبي عبد الله بن معلّى ، والشيخ الخطيب أبي عبد الله الغماري. وبمكناسة من القاضي وارياش. وبفاس من الحاج الخطيب أبي الربيع سليمان بن مفتاح اللجّائي ، والأستاذ أبي الحسن بن سليمان ، والأستاذ أبي عبد الله بن أجروم الصّنهاجي ، والحاج أبي القاسم بن رجا بن محمد بن علي وغيرهم ، وكل من ذكر أجاز له عامة ، إلّا قاضي مكناسة أبي عبد الله محمد بن علي الكلبي الشهير بوارياش.
مولده : في أول عام اثنين وثمانين وستمائة.
وفاته : توفي بالحمّة ليلة الاثنين الثامن عشر لشهر محرّم عام ثمانية وأربعين وسبعمائة.
محمد بن علي بن محمد العبدري (٢)
من أهل مالقة ، يكنى أبا عبد الله ، ويعرف باليتيم.
__________________
(١) المقصود المغرب.
(٢) ترجمة أبي عبد الله العبدري اليتيم في الكتيبة الكامنة (ص ٥٩) ونفح الطيب (ج ٨ ص ٢٢٦).