الذي يدور حول ما يجب لآل البيت النبوي من حب المسلمين لهم وتوقيرهم ، ونصرتهم ، ومودّتهم ... واعتمد في تفسير هذه الآيات على عمدة المفسرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ، ثم اقتبس نصوصاً أخرى من تفسير أبي محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي ، وأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي ، ومحيي الدين بن عربي ، ونجم الدين سليمان الطوفي ، وغيرهم من أئمة المفسرين.
ولم يقف المقريزي عند حدود النقل من هذه المصادر ، بل تخطاها الى مرحلة أخرى سلك فيها طريق الباحث المدقق الذي يسعى وراء الحقيقة ، ويقدم بين يديها حشداً من الأدلة والبراهين التي أطمأن اليها عقله ، وأرشد لها تفكيره ، بعد تحليل متان ومناقشة مستنيرة ... فكان صاحب رأي فيها قدم لنا من آراء غيره ... نراه مثلاً عندما تعرض لتفسير قوله تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ) يأتي لنا بأقوال المفسرين حول المقصود بهذا الخطاب : هل هم الأنصار ، أم بطون قريش ، أم غيرهم؟ وهل المراد بالقربى : التقرب الى الله او أهل قرابته صلى الله عليه وسلم ، أو القرابة التي بينه وبين بطون قريش ، أم مطلق القرابة ... آراء عديدة يعرضها لنا المقريزي بفهم ودقة واستيعاب ، ثم يعلق عليها براي خاص به فيقول : « ويظهر لي أن الخطاب في الآية عام لجميع من آمن ، وذلك أن العرب بأسرها قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم الّذين هو منهم ، فيتعين على من سواهم من العجم أن يوادوهم ويحبوهم ، وقد جاء في الأمر بحب العرب أحاديث ، وأن قريشاً أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن كلهم فإنهم كلهم أبناء اسماعيل ابن ابراهيم عليهما الصلاة والسلام .. ».