وبعد أن استوفى المقريزي الكلام في شرح الآيات الخمس ختم رسالته بفصل طريف سرد فيه مجموعة من الرؤى والحكايات اعتمد فيها على السماع من شيوخه ومعاصريه ، وقصد منها إظهار مدى حب الرسول صلى الله عليه وسلم لآل بيته ، وتأمله مما يصيبهم من مكروه على يد مبغضيهم ؛ فيكون لشيوع تلك الرؤى واثره في ترقيق قلوب الناس عليهم ، وجعل الأفئدة تهوي إليهم ، والأرواح تهيم بمحبتهم ؛ ومودتهم.
* * *
وهنا يبرز سؤال له وزنه في تلك القضية ك هل كان المقريزي بتأليف هذه الرسالة منحازاً إلى مذهب معين ، أو منحرفاً إلى فئة لها صبغة خاصة .. وبعبارة أوضح : هل كان المقريزي شيعياً ـ كما حاول بعض المؤرّخين المعاصرين له أن يثبت ذلك؟ أم كان يصدر عن عاطفة عامة أشترك معه فيها كل مسلم يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ وآل بيته دون أن يتمذهب بمذهب خاص؟؟
لا شك أن هذا موضوع جدير بالبحث والمناقشة لاسيما وقد كثرت فيه الأقاويل اعتماداً على ما كتبه المقريزي من مثل هذا الكتاب الذي بين أيدينا ، وكتاب « النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم » و « اتعاظ الحنفا بأخبار الفاطميين الحنفا بأخبار الفاطميين الخلفا » ففي هذا الكتاب الأخير أجهد المقريزي نفسه لإثبات نسب العبيديين إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، وناقش الذين يشككون في هذا النسب ، وخلص فيه إلى أن نسب هذه الأسرة إلى فاطمة الزهراء صحيح ، وأن ما قاله المعارضون لهذه الحقيقة ماهو إلا مقالة خصم يتلمس لعدوه مزالق التهم ، ومواطن الشبه ، وقد دعم المقريزي رأيه هذا بدليلين :