فقال له بسر : ثكلتك أمك. والله ، ما أردنا قتلك ، فلم عرّضت نفسك للقتل؟! فقال : أقتل دون جارى ، فعسى أعذر عند الله ، وعند الناس. فضرب بسيفه حتى قتل ، وقدّم بسر الغلامين ، فذبحهما ذبحا. فخرجت نسوة من بنى كنانة ، فقالت منهن قائلة : يا هذا (١) ، هؤلاء (٢) الرجال قتلت ، فعلام يقتل الولدان؟! والله ، ما كانوا يقتلون فى جاهلية ولا إسلام. والله ، إن سلطانا لا يقوم إلا بقتل الضّرع (٣) الصغير ، والمدره (٤) الكبير ، وبرفع الرحمة ، وعقوق الأرحام لسلطان سوء. فقال لها بسر : والله ، لهممت أن أضع فيكن السيف. فقالت له : تالله ، إنها لأخت التى صنعت ، وما أنا لها منك بآمنة. ثم قالت للنساء اللاتى حولها : ويحكنّ ، تفرّقن. فقالت جويرية «أم الغلامين» امرأة عبيد الله بن العباس تبكيهما ، وذكرت هذه الأبيات بعينها ، أو نحوها (٥).
* ذكر من اسمه «بشر» :
١٧٥ ـ بشر بن عائذ الجنبىّ (٦) : مصرى ، من مراد. يكنى أبا محمد (٧).
__________________
(١) هكذا فى (تهذيب الكمال) ٤ / ٦٧ ، وفى (تاريخ دمشق) ١٠ / ١٣ : يا هذه. والأول صواب ، فالخطاب إلى (بسر).
(٢) فى (تهذيب الكمال) ج ٤ ص ٦٧ : «هذا الرجال قتلت» ، على تقدير : يا هذا ، قتلت الرجال. والمثبت فى المتن من (تاريخ دمشق) ١٠ / ١٣.
(٣) أى : الضّارع الصغير السن النحيف ، الضاوى الجسم. ومنه فى الحديث : قول الرسول صلىاللهعليهوسلم ـ لما رأى ولدى جعفر الطّيّار ـ : ما لى أراهما ضارعين؟! قالوا : إن العين تسرع إليهما. (اللسان ، مادة : ض. ر. ع) ٤ / ٢٥٨٠ ، والمعجم الوسيط ١ / ٥٥٩).
(٤) ضبطت فى (تهذيب الكمال) ج ٤ ص ٦٧ ، بفتح الميم والدال ، والصواب ما ذكرت فى المتن. ومنها الفعل (دره يدره درها) ، ومن معانيه : دره عليهم ، أى : طلع ، وهجم دون أن يشعروا به. دره عنهم : تكلم ، ودافع. دره فلانا : تنكر له. ومن المعنى الثانى جاءت لفظة النص (المدره) : السيد الشريف زعيم القوم ، والمقدّم فى اللسان واليد عند الخطابة ، والخصومة والقتال. وفى الحديث ، عن شدّاد بن أوس : «إذ أقبل شيخ من بنى عامر ، هو مدره قومه». والجمع : مداره (اللسان ، مادة : د. ر. ه) ٢ / ١٣٦٩ ، والمعجم الوسيط ١ / ٢٩٢).
(٥) تاريخ دمشق ١٠ / ١٢ ـ ١٣ ، وتهذيب الكمال ٤ / ٦٦ ـ ٦٧.
(٦) نسبة إلى (جنب) ، وهى قبيلة من اليمن ، أو هى عدة قبائل (منبّه ، والحارث ، وغيرهما) ، كانوا منفردين أقلاء أذلاء ، فسمّوا ب (جنب). فلما اجتمعوا ، صاروا قبيلة قوية (الأنساب ٢ / ٩١).
(٧) الإكمال ٦ / ١١.