أنه ليس له به قبل ، وكان قد ضرس من اقتراح الأمراء عليه وجبههم إياه ، فأشار إلى حسام الدين طمان أن يسفر له مع السلطان في إعادة بلاده وتسليم حلب إليه ، واستقرت القاعدة ولم يشعر أحد من الرعية ولا من العسكر حتى تم الأمر ، ثم أعلمهم وأذن لهم في تدبير أنفسهم فأنفذوا عنه عز الدين جرديك وزين الدين بلك فبقوا عنده إلى الليل واستخلفوه على العسكر وعلى أهل البلد وذلك في سابع عشر صفر ، وخرجت العساكر إلى خدمته إلى الميدان الأخضر ومقدمو حلب وخلع عليهم وطيب قلوبهم. وأقام عماد الدين بالقلعة يقضي أشغاله وينقل أقمشته وخزائنه إلى يوم الخميس ثالث عشر صفر. وفيه توفي تاج الملوك أخو السلطان من الجرح الذي كان أصابه وشق عليه أمر موته وجلس للعزاء. قلت : وكان أصغر أولاد أيوب ، ذكر ابن القادسي أن مولده سنة ست وخمسين في ذي الحجة فيكون عمره اثنتين وعشرين سنة وشيئا. وأنشد له شعرا. وقال العماد الكاتب في كتاب الخريدة إنه لم يبلغ العشرين سنة وله نظم لطيف وفهم شريف ، ثم قال القاضي أبو المحاسن [هو ابن شداد] :
وفي ذلك اليوم نزل عماد الدين إلى خدمته وعزاه وسار معه بالميدان الأخضر وتقررت بينهما قواعد ، وأنزله عنده بالخيمة وقدم له تقدمة سنية وخيلا جميلة ، وخلع على جماعة من أصحابه ، وسار عماد الدين من يومه إلى قرا حصار سائرا إلى سنجار ، وأقام السلطان بالمخيم بعد مسير عماد الدين غير مكترث بأمر حلب ولا مستعظم لشأنها إلى يوم الاثنين سابع عشري صفر ، ثم صعد في ذلك اليوم قلعة حلب مسرورا منصورا ، وعمل له حسام الدين طمان دعوة سنية ، وكان قد تخلف لأخذ ما تخلف لعماد الدين من قماش وغيره.
وقال العماد : وصل السلطان إلى حلب وفيها عماد الدين زنكي بن مودود الذي كان صاحب سنجار وقد تحصن بكثرة الأجناد والعدد وأراد مقابلة السلطان ومقاتلته ، وأراد السلطان أن يظفر بها دون ذلك من القتال وعداوة الرجال ، لكن الشباب وجهال الأصحاب راموا القتال وأحبوا النزال وتقدموا وأقدموا والسلطان ينهاهم فلا ينتهون ، وكان فيهم تاج الملوك بوري أخو السلطان فطعن في فخذه ثم مات بعد ذلك بأيام بعد فتح البلد ، وكان السلطان قد صنع ذلك اليوم وليمة لعماد الدين زنكي. وكان السلطان أول ما نزل على حلب نزل في صدر الميدان الأخضر وذلك في زمن الربيع الأنضر ، ثم رحل ونزل