سنة ٦١١
قال أبو الفداء : في هذه السنة توفي دلدرم بن ياروق صاحب تل باشر وولي تل باشر بعده ابنه فتح الدين.
سنة ٦١٣
ذكر وفاة الملك الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين
قال الصلاح الصفدي في تاريخه المرتب على السنين في حوادث هذه السنة : فيها توفي الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب صاحب حلب ، مولده بالقاهرة سنة ثمان وستين وخمسمائة ، وكان ملكا مهيبا له سياسة وفطنة ، ودولته معمورة بالعلماء والفضلاء مزينة بالملوك والأمراء ، وكان محسنا إلى الرعية ، وحضر معظم فتوحات والده ، وكان محبا للعلماء مجيزا للشعراء ، أعطاه والده مملكة حلب سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة ، ودفن بقلعة حلب ، ثم بنى له الطواشي طغريل مدرسة تحت القلعة وعمّر فيها تربة ونقله إليها اه.
وقال ابن الأثير في حوادث هذه السنة : فيها في جمادى الآخرة توفي الملك الظاهر غازي. وهو صاحب مدينة حلب ومنبج وغيرهما من بلاد الشام. وكان مرضه إسهالا ، وكان شديد السيرة ضابطا لأموره كلها كثير الجمع للأموال من غير جهاتها المعتادة عظيم العقوبة على الذنب لا يرى الصفح ، وله مقصد يقصده كثير من أهل البيوتات من أطراف البلاد والشعراء وأهل الدين وغيرهم فيكرمهم ويجري عليهم الجاري الحسن ، ولما اشتدت علته عهد بالملك بعده لولد له صغير اسمه محمد ولقبه الملك العزيز غياث الدين عمره ثلاث سنين ، وعدل عن ولد كبير لأن الصغير كانت أمه ابنة عمه الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب مصر ودمشق وغيرهما من البلاد ، فعهد بالملك له ليبقي عمه البلاد عليه ولا ينازعه فيها. ومن أعجب ما يحكى أن الملك الظاهر قبل مرضه أرسل رسولا إلى عمه العادل بمصر يطلب منه أن يحلف لولده الصغير ، فقال العادل : سبحان الله أي حاجة إلى هذه اليمين ، الملك الظاهر مثل بعض أولادي ، فقال الرسول : قد طلب هذا واختاره ولا بد من إجابته إليه ، فقال العادل : كم من كبش في المرعى وخروف عند القصّاب. وحلف فاتفق في تلك الأيام أن توفي الملك الظاهر والرسول في الطريق ، ولما عهد الظاهر إلى ولده بالملك جعل أتابكه ومربيه خادما روميا اسمه طغريل ولقبه شهاب الدين ، وهو من خيار