إن أول الشخصيات الرسمية التي عرفتها بعد الباشا ، ولكن على سبيل الفضول ، كان كرد عثمان أغا (١) ، كذا يسمونه في بلاده وفي عمله ، ولد في كردستان ، وكان سنجقا (٢) أو قائدا للخيالة غير النظاميين الذين يبلغ عددهم بين ألف أو ألف ومئتي رجل ، ويعسكرون على بعد عدة فراسخ على طريق مكة المكرمة ، وهم مستعدون على الدوام للتمرد ، إن لم يتقاضوا مستحقاتهم المالية. لقد حصل من قبل في معسكرهم اضطرابات خطيرة ، ويتوقع أن يحدث تمرد عام إن لم تصل النقود بسرعة من استنانبول.
إن خيالة الشرق هؤلاء الذين يسمّون باشي بوزوق ، وهذا يعني بالتركية : ميليشيا ، هم داهية تحل في البلد الذي يرسلهم الباب العالي في حملة إليه : إنهم يأخذون كل شيء من الأسواق دون أن يدفعوا ثمنه ، ويعاملون التجار الذين يطالبون بحقوقهم معاملة سيئة ، إن حياة / ١٥٢ / الإنسان لا تساوي في نظرهم حياة كلب ، وهي أقل بكثير من حياة خيولهم. وإذا قابل أحد هؤلاء اللصوص امرأة غير منقبة ، فإنه يشهر مسدسه ويصوبه نحوها ، ثم يطلق ببرودة أعصاب النار على رأسها على
__________________
(١) ذكر دحلان في خلاصة الكلام ... ، موثق سابقا ، ص ٣١٣ ، أنه كبير العساكر الخيالة في أيام الشريف محمد بن عون خلال فترة شرافته الأولى ؛ وانظر : رحلة بيرتون إلى مصر والحجاز ، موثق سابقا ، ج ٢ ، ص ٢١٠.
(٢) سنجق يعني باللغة التركية العلم ، ويطلق اتساعا على القائد نفسه (المؤلف). انظر أيضا : معجم المصطلحات ... ، موثق سابقا ، ص ٢٥٩. وفيه أنه في بعض المصادر : صنجق ، لفظ تركي ـ فارسي معناه : علم أو راية.