سترة حمراء مطرزة بالحرير ، وسروال منتفخ معقود عند الركبة ، وحزام عريض فيه خناجر ومسدسات ؛ وكان كل ذلك يشكل لوحة حيوية جذابة جدا.
إن الجيش غير النظامي معفى من ارتداء الزي الذي فرضه السلطان محمود (١) على الجيش التركي. وليس ذلك الزي ، باستثناء الطربوش ، إلّا نسخة مقلدة من الزي الغربي ؛ وينبغي على كل الموظفين ، عسكريين أو مدنيين ، الالتزام بارتداء ذلك الزي. ونجد صعوبة في اعتياد رؤية الشيوخ العثمانيين الكلاسيكيين ، وخصوصا الباشا ، وهم يرتدون تلك القلنسوة الحمراء الشنيعة ، وذلك البنطال الضيق ، وذلك المعطف الضيق ؛ وكل ذلك يمثل الآن الزي الرسمي.
إنهم متنكرون بزي الأوروبيين ، كما كنا في طفولتنا نتنكر بزي التركي ، وقد خسروا بهذا التحول بنسبة ٩٠%. لقد كان الزي القديم باتساعه وهيبته / ١٥٥ / يظهر تميزهم ؛ وكان فيه نوع من النبل والجمال ؛ وهو خال من تلك الزينة المستعارة ، ومتناسب مع جوهر شخصهم ، إنهم اليوم يبدون على حقيقتهم ، في غاية القبح عموما ، بدناء قبل الأوان ، وإن سوء مظهرهم لا يقل عن سوء مخبرهم. وإن المثل المأثور : قوي كالتركي ، لم يعد صحيحا.
لقد احتفظ باشا مصر بمصالح ضخمة في الحجاز منذ حرب الوهابيين ، وهو يرسل إلى جدة للسهر على تلك المصالح قائما بالأعمال ، كان إبّان زيارتي هو أمين
__________________
(١) محمود الثاني (١٧٨٥ ـ ١٨٣٩ م) : سلطان عثماني تولى السلطنة بين عامي (١٨٠٨ م ـ ١٨٣٩ م) وأهم أعماله أنه قضى على الانكشارية عام ١٨٢٦ م.