بيك ، كولونيل سابق في سلاح المدفعية ، رجل حاذق ، ومؤدب ، عارف بكثير من الأمور ، ومنها التجارة ، أفادني بقدر ما كان لطيفا معي. عيّنه محمد علي ، وأبقاه عباس في منصبه ، على الرغم منه ، لأن مناخ جدة أتلف صحته ، وكان يطلب بإلحاح أن يتم استدعاؤه إلى القاهرة. علمت منه أن الباب العالي لا يجني أي فائدة من سيطرته على الجزيرة العربية ، بل يبدد فيها كل سنة قسما كبيرا ، ٢٩ أو ٣٠ ألف صرة ، من الضريبة التي تدفعها مصر لإستانبول ؛ كان أمين بيك على علم تام بهذا الخصوص ، باعتبار أن تلك الأموال تصرف بمعرفته. وإذا صدقناه فإنه كان لعباس باشا في مكة أنصار. وأجهل إن كان هذا الأمر صحيحا ؛ ولكن ما علمته / ١٥٦ / من مصدر موثوق به أن عباس باشا يداهن بدو سيناء والحدود السورية ، لأنه يرغب أن يكون ابنه الذي كان متزوجا بإحدى بنات السلطان ، أو أنها كانت مخطوبة له ، والي المدينتين المقدستين لكي يدعم بذلك نفوذه الخاص على العرب ويوسعه. وقد جاء موته المفاجئ ليفسد سلسلة تلك المؤامرات.
كان أمين بيك معارضا صلبا لحكومة الأشراف السابقة التي كان يأخذ عليها أنها تطبق نظاما غبيا في الابتزاز والجور من كل الأنواع ، وهو مأخذ غريب عندما يصدر عن خادم لعباس باشا ، كان يذكر لي أشياء سيئة جدا عن الشريف الأكبر الحالي ، ويتهمه بالبخل والجشع ، ويقول إنه لا يوثق به ، ومخادع حتى المكر. ولكنني كنت أشك في هذا الحكم لعدد من الأسباب : أولها أن أمين بيك هذا صنيعة محمد علي ، الذي قوض حكم الأشراف ، ولّما كان من أصل تركي ، فإنه كان بالطبع متشبعا