ثم نام المكارون والجمّالة بعد ذلك مختلطين بحيواناتهم ، يلتحفون السماء المزدانة بالنجوم ، ومرت ليلتي الأولى تحت الخيمة دون أحداث تذكر ، يحرسني رجال الصحراء المهرة ، الذين اعتادوا الأسفار.
نهضت في اليوم الثاني مبكرا ، وكان أول ما وقع تحت ناظري بعد خروجي من الخيمة برج التلغراف : الذي نصب على أكمة كثيرة الحصى ، كان ينتصب أمامي كأنه شبح مخيف في لون الغسق الشاحب. لقد سررت بوجوده في هذه اللحظة ، وبالمصير الذي حمله إلى هذا المكان بفضل الأثر الرائع الذي كان يضفيه على المنظر الطبيعي.
بزغت الشمس بعد أن أرهص بها فجر / ٨ / بهي ، بزغت ، وهي لامعة كما كانت عند الغروب ، تعد بيوم أكثر جمالا من سابقه ، وقد وفت بما وعدت.
بدأنا برفع الأحمال على الجمال ، وذلك عمل يقوم به الجمّالة برشاقة وخفة عندما يوافق ذلك هواهم ، ولكنهم اعتادوا أن يقوموا به متثاقلين لأنهم يكرهون الرحيل في الصباح الباكر. إذا كان الوقت متأخرا عندما أصبحت القافلة جاهزة للمسير.
لقد لفت نظري في المحطة التالية بيوت منخفضة ، نصفها غائر في الأرض ، يسكنها بعض الفلاحين الفقراء ، القابعين بهذه الجحور كأنهم ثعالب مع إناثهم وصغارهم ، يمارسون مهنة لست أدري ما كنهها؟ ولست أدري كيف يعيشون؟ وأترك حل هذه المسألة لمن هم أكثر تبصرا. كانت إحدى نسائهم المحجبات ، كما هي حال كل النساء ، تجلس القرفصاء على قارعة الطريق كأنها طائر العنقاء ، وأمامها