لقد صادفنا في ذلك اليوم ، وفي الأيام التي تلته عددا من القوافل القادمة من الحجاز وهي تحمل الصمغ والتمر الهندي والرقيق الذي يؤتى به ليباع في سوق القاهرة ؛ وكان هؤلاء المساكين مربوطين مثنى مثنى على الرحال ، وكانوا في ميعة الصبا ، ولونهم أسود يتفاوت في شدة السواد ؛ وقد جيء بهم من حدود دارفور ، ومن الحبشة ، وكان التجار الذين يسمون (جلاب) يأتون بهم أولا إلى جدة عبر سواكن والبحر الأحمر ، ولا يحملون إلى مصر إلا أولئك الذين لم يستطيعوا بيعهم بسعر رابح في الجزيرة العربية. وكان في إحدى تلك القوافل / ١١ / امرأة من سكان مكة المكرمة كانت ترتدي ثيابها الفاخرة التقليدية ؛ كانت على ظهر جملها تعلو عن الأرض سبعة أقدام ، وتحميها من الشمس مظلة بيضاء كبيرة ، وكانت محجبة بإحكام كما ينبغي على أية مسلمة ملتزمة. ومع أنها جاءت من مكة المكرمة ، وولدت فيها ، فإنها لم تجد حرجا من الكشف بإدلال عن وجهها عندما مرت بنا ، لقد كانت جميلة وشابة. لقد كان فيما فعلته مخالفة دينية ، ولكن ما يغفر لها ذلك هو أننا من (الجاورين Giaours) الكفار.
ولا بد من الإشارة ، لكي تكتمل لائحة المقابلات في ذلك اليوم ، إلى عمّال البريد الذين كانوا ينهبون الطرق تاركين العنان لخيولهم التي كانوا يستبدلونها بسرعة في كل محطة ، وكانوا يقطعون المسافات بينها بسرعة ، كانوا يسبقوننا أو يمرون بقربنا بسرعة البرق فلا نكاد نراهم حتى يختفوا عن الأبصار. تسير الجمال بسرعة أقل ولكن إلى مسافات أطول.