وقصور سرت (٦٠) ، وهنالك أرادت الجمامزة من طوائف العرب (٦١) الإيقاع بنا ثم صرفتهم القدرة وحالت دون ما راموه من إذايتنا. ثم توسطنا الغابة (٦٢) وتجاوزناها إلى قصر برصيص العابد إلى قبة سلّام (٦٣) ، وأدركنا هنالك الركب الذين تخلفوا بطرابلس. ووقع بيني وبين صهري مشاجرة أوجبت فراق بنته ، وتزوجت بنتا لبعض طلبة فاس (٦٤) وبنيت بها بقصر الزعافية (٦٥) ، وأولمت وليمة حبست لها الركب يوما وأطعمتهم ...!
__________________
(٦٠) يذكر البكري في المسالك والممالك أن سرت كانت عامرة مزدهرة بالتجارة في القرن الخامس الهجري ... ولهم نخل وبساتين وأبار عذبة وجباب كثيرة ... وقد وجدها ابن الوزان خربة لا يشاهد بها إلا آثار صغيرة من الأسوار.
د. التازي : أمير مغربي في طرابلس ص ١٥٨.
(٦١) هكذا في بعض النسخ ، والقصد على ما يظهر إلى ركّاب الجمّازة التي توجد في بعض النسخ وهي الناقة ... وفي بعض النسخ الاقتصار على كلمة طوائف العرب.
(٦٢) القصد بالغابة على ما يبدو إلى واحة صحراوية تنبث فيها بعض الأشجار ...
(٦٣) يذكر الطاهر الزاوي في كتابه (معجم البلدان الليبية) أنه توجد الآن قرية صغيرة شرقي مدينة بني غازي بنحو ٤٥ ك. م. تسمى برسيس أو برسيسة ، ولا يبعد أن تكون هذه القرية أنشئت في مكان القصر الذي عناه ابن بطّوطة بقوله : " قصر برصيص العابد ، لأن الصحراء كانت ممتدة بعد سرت إلى هذا المكان وإلى ما بعده إلى الشرق ، ولان مدينة بني غازي لم تكن قد أنشئت أيام رحلة ابن بطوطة. وبرصيص هذا رجل من عبّاد بني إسرائيل وزهادهم ، وكان منقطعا للعبادة في صومعة ، فما زال به الشيطان حتى فتنه عن دينه وأخرجه منه ومات كافرا.
وقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن برصيص العابد هذا هو الإنسان الذي ذكره القرآن الكريم في قوله تعالى : " كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال : إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين" ، ولم يذكر أحد من هؤلاء المفسرين مكانه ولا أين كانت صومعته ، هذا ولم تحدد المصادر التي بين أيدينا كذلك العلم الجغرافي : (قبة سلام). معجم البلدان الليبية ١٣٨٨ ـ ١٩٦٨ مكتبة النور ـ طرابلس / ليبيا ص ٢٦٨.
(٦٤) ابن بطوطة يتزوج فاسية بعد أن فارق الصفاقسية! ويلاحظ أن كلمة (طالب) تعني عند دولة الموحدين طبقة معينة في نظامهم ، وهي تعني عند دولة بني مرين فيما بعد معنى الكاتب.
(٦٥) قصر الزعافية ، لم أقف على تحديد هذا العلم الجغرافي ، فهل القصد إلى قصر الجفارة؟ راجع معجم البلدان الليبية. وقد وقفت في بعض المقيدات التي لا أذكر مصدرها أن القصر المذكور يقع في الجبل الأخضر.