محاذية لها. وكان هنالك مسلك إلى الغار المبارك وهو الآن مسدود وقد نزلت بهذا الموضع مرات ، ومما ذكره أهل العلم دليلا على صحة كون القبور الثلاثة الشريفة هنالك ما نقلته من كتاب علي بن جعفر الرازي الذي سماه" المسفر للقلوب ، عن صحة قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب" (٦) أسند فيه إلى أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما أسرى بي إلى بيت المقدس مرّ بي جبريل على قبر إبراهيم ، فقال : انزل فصلّ ركعتين فإن هنا ولد أخوك عيسى عليهالسلام ، ثم أتى بي إلى الصخرة ، وذكر بقية الحديث ... ولما لقيت بهذه المدينة المدرس الصالح المعمر الامام الخطيب برهان الدين الجعبري (٧) أحد الصلحاء المرضيين ، والأئمّة المشهورين ، سألته عن صحة كون قبر الخليل عليهالسلام هنالك ، فقال لي : كلّ من لقيته من أهل العلم يصححون أن هذه القبور قبور إبراهيم وإسحاق ويعقوب على نبيّنا وعليهمالسلام ، وقبور زوجاتهم ، ولا يطعن في ذلك إلا أهل البدع ، وهو نقل الخلف عن السلف لا يشك فيه.
ويذكر أن بعض الأيمة دخل إلى هذا الغار ووقف عند قبر سارة ، فدخل شيخ فقال له : أي هذه القبور هو قبر إبراهيم ، فأشار له إلى قبره المعروف ، ثم دخل شاب فسأله كذلك ، فأشار له إليه ، ثم دخل صبي فسأله أيضا فأشار له اليه ، فقال الفقيه أشهد أن هذا قبر إبراهيمعليهالسلام لا شك ، ثم دخل إلى المسجد فصلى به وارتحل من الغد ، وبداخل هذا
__________________
(٦) لم نقف على ترجمة لمؤلف هذا الكتاب علي بن جعفر الرازي ولا على هذا الكتاب ... ومن الطريف أن نقرأ في (كتاب الاشارات إلى معرفة الزيارات) تأليف أبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي المتوفي سنة ٦١١ أنه اجتمع في مدينة الخليل بمشايخ حدثوه أنه لما كان زمن الملك بردويل (Baudoin) انخسف الموضع في المغارة فدخل جماعة من الفرنج إليها بإذن الملك فوجدوا فيها ابراهيم وإسحاق ويعقوب قد بليت أكفانهم وهم مستندون إلى حائط وعلى رؤوسهم مناديل ... فجدد الملك أكفانهم ثم سدّ الموضع وذلك سنة ثلاث عشر وخمسمائة ..."
يبقى بعد هذا أن نذكر أن زيارة مدينة الخليل وزيارة بيت لحم من قبل الرسول عليه الصلوات ، وهو في طريقه إلى بيت المقدس ، مما لم تنص عليه الآثار النبوية والتي لم يروها أبو هريرة ، ولذلك فإن المسألة تظلّ محلّ دراسة من قبل المهتمين بالسيرة النبوية الشريفة.
الهروي : الزيارات ، تحقيق جانين سورديل طومين ، دمشق ١٩٥٣ ص ٣٠ ـ ٣١ ـ ٣٢Gibb : Travel ١ p.٥٧ Note ١٢.
(٧) القصد إلى إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل بن أبي العباس الجعبري الرّبعي ، برهان الدين ، ولد بقلعة (جعبر) ، تعلم ببغداد ودمشق ، واستقر بمدينة الخليل واشتهر هناك بشيخ الخليل ، له نحو من مائة كتاب أكثرها مختصر ... منها نزهة البررة في القراءات العشرة ، وشرح الشاطبية وشرح الرائية ، أدركه أجله في رمضان ٧٣٢ يونيه ١٣٣٢. ـ الدرر الكامنة ج ١ ص ٥١ ـ ٥٢.