يا قبر ، ما فيك من دين ومن ورع |
|
ومن عفاف ، ومن صون ومن خفر (١٢) |
ثم سافرت من هذه المدينة إلى القدس ، فزرت في طريقي اليه تربة يونس عليهالسلام وعليها بنية كبيرة ومسجد ، وزرت (١٣) أيضا بيت لحم موضع ميلاد عيسى عليهالسلام ، وبه أثر جذع النخلة (١٤) وعليه عمارة كثيرة (١٥) والنصارى يعظمونه أشد التعظيم ويضيّفون من نزل به.
ثم وصلنا إلى بيت المقدس شرفه الله ثالث المسجدين الشريفين في رتبة الفضل ، ومصعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسليما ومعرجه إلى السماء ، والبلدة كبيرة منيفة بالصّخر المنحوت وكان الملك الصالح الفاضل صلاح الدين بن أيوب (١٦) ، جزاه الله عن
__________________
(١٢) تابعية ، روت عن جدتها فاطمة ... ولما قتل أبوها حملت إلى الشام مع أختها سكينة وعمتها أم كلثوم بن علي ... فأدخلن على يزيد فقالت فاطمة يا يزيد ، أبنات رسول الله سبايا؟! قال : بل حرائر كرام أدخلي على بنات عمك ، فدخلت على أهل بيته ... وعادت إلى المدينة ، فتزوجها ابن عمها الحسن بن الحسن بن علي ومات عنها (ت ٩٠ ـ ٧٠٨) فتزوجها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ومات ... أدركها أجلها عن سبعين سنة عام ١١٠ ـ ٧٢٨ .. هذا وقد حملت إلينا معلومة ابن بطّوطة هذه مشكلة ينبغي التفكير فيها ، ويتعلق الأمر بقبر فاطمة التي نعرف أنها توفيت بالمدينة. ـ عمر رضا حكالة : أعلام النساء ج ٤ ، ٤٤.
(١٣) توجد التربة المذكورة في قرية حلحول شمال (حبرون) مدينة الخليل ... أما عن نبي الله يونس فالذي نعرفه عنه أنه يوجد على مقربة من مدينة الموصل وقد زرته مرارا أثناء سفارتي لدى العراق ...
(١٤) الإشارة إلى ما ورد في القرآن الكريم : " فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت : يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيا منسيا ... الآية ٢٣ ـ ٢٦ من السورة التاسعة عشرة ، وقد ذكر ابن حوقل أن" النخلة إلى الآن هناك معظمة" ... وقد اختفت النخلة اليوم.
(١٥) القصد إلى كنيسة ميلاد المسيح (La Nativite) التي أعيد بناؤها عام ٥٦٤ ـ ١١٦٩ من لدن مانييل كومنين (M.Comnene) أمبراطور بيزنطة.
(١٦) استرجع صلاح الدين بيت المقدس (أو ايلياء) من يد الصليبيين عام ٥٨٣ ـ ١١٨٧ ـ وعن الملك الظاهر المعروف تحت اسم بيبرس (BAYBARS) نعرف أنه كان سلطانا من المماليك على مصر من عام ٦٥٨ ـ ١٢٦٠ إلى عام ٦٧٥ ـ ١٢٧٧ ، أما عن الأسوار المهدومة فيظهر أنه لا هذا ولا ذاك هو الذي قام بهدمها ، ولكن الذي قام بذلك هو الملك المعظم عيسى بن أخي صلاح الدين وأمير دمشق عام ٦١٦ ـ ١٢١٩ أثناء الحرب الصليبية الخامسة ... وأخيرا نذكّر أنّ الأسوار الحالية هي من بناء العاهل العثماني سليمان القانوني ٩٢٦ ـ ١٥٢٠ ـ ٩٧٤ ـ ١٥٦٦. هذا ومن أسماء البيت المقدس أورشليم التي وردت بالعبرانية في شعر الأعشى :
وطوّفت للمال آفاقه |
|
عمان فحمص فأوريشلم |
أتيت النجاشى في داره |
|
وأرض النبيط وأرض العجم |
أنظر مادة أوريشلم في معجم البلدان.