وسطها كالبيت الصغير وبازائها بيت ، يقال إنه مصلى الخضر عليهالسلام (٢٨٢) يبادر الناس إلى الصلاة فيهما وللمأوى باب حديد صغير والمسجد يدور به ، وله شوارع دائرة وسقاية حسنة ينزل لها الماء من علو ، وينصبّ في شاذروان (٢٨٣) في الجدار يتّصل بحوض من رخام ويقع فيه الماء ولا نظير له في الحسن وغرابة الشكل. وبقرب ذلك مطاهر للوضوء يجري فيها الماء.
وهذه الربوة المباركة هي رأس بساتين دمشق وبها منابع مياهها (٢٨٤) وينقسم الماء الخارج منها على سبعة أنهار كل نهر آخذ في جهة ويعرف ذلك الموضع بالمقاسم ، وأكبر هذه الأنهار النهر المسمى بتورة ، وهو يشق تحت الربوة وقد نحت له مجرى في الحجر الصلد كالغار الكبير(٢٨٥) ، وربما انغمس ذو الجسارة من العوّامين في النهر من أعلى الربوة واندفع في الماء حتى يشق مجراه ويخرج من أسفل الربوة ، وهي مخاطرة عظيمة ، وهذه الربوة تشرف على البساتين الدائرة بالبلد ، ولها من الحسن واتساع مسرح الأبصار ما ليس لسواها ، وتلك الأنهار السبعة تذهب في طرق شتى فتحار الأعين في حسن اجتماعها وافتراقها واندفاعها وانصبابها ، وجمال الربوة وحسنها التام أعظم من أن يحيط به الوصف ، ولها الأوقاف الكثيرة من المزارع والبساتين والرباع ، تقام منها وظايفها للإمام والمؤذن والصادر والوارد.
__________________
(٢٨٢) الخضر هو النبي الذي التقى به موسى وطلب رفقته شرط أن لا يتكلم ثم خرق الخضر سفينة صالحين وقتل طفلا لابوين صالحين ورمم حائطا في قرية رفض سكانها استقبالهما فلم يعد موسى يستطيع صبرا فأخبره الخضر بسبب كل شيء وافترقا ... ـ سورة الكهف ، رقم ١٨ ، الآية ٦٤ ...
(٢٨٣) الشاذروان : لفظ فارسي يعني بكل بساطة ما نسميه بالمغرب الخصّة ، وهو الفسقية أو الفوّارة : صحن يتجمع فيه الماء وأحيانا تكون هذه الفسقيات أو الفوارات على شكل سباع تلقى الماء من أفواهها ... أما عن (الشاذروان) الذي يذكر عند الحديث عن الكعبة ، فإن القصد إلى القاعدة التي تحيط بالكعبة من ثلاث جهات : الجنوب الغربي والجنوب الشرقي ، ومن الشمال الشرقي على ما يذكره الازرقي ، ونذكر في صدر معاني الشاذروان : السدّ او الخزان الذي يتجمع فيه الماء.
(٢٨٤) تعبير ابن جبير : " وهذه الربوة المباركة رأس بساتين البلد ومقسم مائه ، وينقسم فيها الماء على سبعة انهار يأخذ كلّ نهر طريقه وأكبر هذه الأنهار نهر يعرف بثورا ... ص ٢٢٤ من رحلة ابن جبير.
(٢٨٥) أورد القلقشندي تفصيلا أكثر دقة عندما ذكر أن دمشق وأجنتها تسقى جميعا من نهري بردى ... وإن الماء ينبع من شق في سفح الجبل ... وبعد أن يذكر هنا بناء للرومان يتحدث عن أن النهر يزداد ماؤه بما ينضاف اليه من عيون ثم ينقسم النهر إلى عدة فروع الخ.
R. Tresse : L\'irrigation dans la Gouta de Damas, Revue des etudes Islamiques ٢٩٩١, ٩٥٤ ـ ٣٧٤ ـ YERMSIMOS T. ١ P. ٩٣٢ Note ٠٠٣.