ومن جملة وصيته لابنه الامام أبي محمد الحسن بن علي عليهماالسلام والصلاة
يا بني إني لما رأيتني قد بلغت سنا ، ورأيتني أزداد وهنا ، أردت بوصيتي إياك خصالا منهن : إني خفت أن يعجل بي أجلي قبل أن أفضي إليك بما في نفسي وأن انقص في رأيي كما نقصت في جسمي ، أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى ، وفتن الدنيا ، فتكون كالصعب النفور فإن قلب الحدث كالارض الخالية ما القي فيها من شيء قبلته ، فبادرتك بالادب قبل أن يقسو قلبك ، ويشتغل لبك لتستقبل بجد رأيك ما قد كفاك أهل التجارب بغيبة وتجربة ، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب ، وعوفيت من علاج التجربة فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه ، واستبان لك ما أظلم علينا فيه.
ومنها :
واعلم أن أمامك طريقا ذا مشقة ، بعيدا ، وهولا شديدا ، وأنك لا غنى بك عن حسن الارتياد ، وقدر بلاغك من الزاد مع خفة الظهر ، فلا تحملن على ظهرك فوق طاقتك ، فيكون ثقله وبالا عليك ، وإذا وجدت من أهل الحاجة من يحمل لك ذلك فيوافيك به حيث تحتاج إليه تغتنمه ، واغتنم ما أقرضت من استقرضك في حال غناك.
واعلم يا بني أن أمامك عقبة كؤودا ، مهبطها على جنة أو على نار ، فارتد لنفسك قبل نزولك فليس بعد الموت مستعتب ولا إلى الدنيا منصرف.