فادفعه إلى هذا الرجل ، وقل له يكتم ما رأى.
فصار الحسن عليهالسلام إلى الموضع ، والقضيب معه ، ففعل ما أمره ، فطلع من الصخرة رأس ناقة بزمامها ، فجذبه الحسن عليهالسلام فظهرت الناقة ، ثم ما زال يتبعها ناقة ثم ناقة حتى إنقطع القطار على مائة ، ثم إنضمت الصخرة فدفع النوق إلى الرجل ، وأمره بالكتمان لما رأى. فقال الاعرابي : صدق رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وصدق أبوك عليهالسلام ، هو قاضي دينه ، ومنجز وعده ، والامام من بعده ، رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد (١).
وروي أن أمير المؤمنين عليهالسلام لما أقبل من صفين ، مر في زهاء سبعين رجلا بأرض ليس فيها ماء ، فقالوا له : يا أمير المؤمنين ليس هاهنا ماء ، ونحن نخاف العطش ، قالوا : فمررنا براهب في ذلك الموضع فسألناه هل بقربك ماء فقال : ما من ماء دون الفرات ، فقلنا يا أمير المؤمنين العطش وليس قربنا ماء ، فقال : إن الله تعالى سيسقيكم ، فقام يمشي حتى وقف في مكان ودعا بمساح ، وأمر بذلك المكان ، فكنس ، فأجلى عن صخرة ، فلما انجلى عنها ، قال : إقلبوها مرمناها بكل مرام فلم نستطعها فلما أعيتنا دنا منها فأخذ بجانبها فدحا (٢) بها فكأنها كرة ، فرمى بها ، فانجلت عن ماء لم ير أشد بياضا ، ولا أصفى ، ولا أعذب منه ، فتنادى الناس الماء ، فاغترفوا ، وسقوا ، وشربوا ، وجملوا ، ثم أخذ عليهالسلام الصخرة فردها مكانها ، ثم تحمل الناس فسار غير بعيد ، فقال : أيكم يعرف مكان هذه العين؟ فقالوا : كلنا يعرف مكانها ، قال : فانطلقوا حتى تنظروا.
فانطلق من شاء الله منا فدرنا حتى أعيينا فلم نقدر على شئ فأتينا الراهب
ـــــــــــــــ
١ ـ حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لامير المؤمنين عليهالسلام : أنت قاضي ديني ، ومنجز عدتي. مما أجمعت الائمة على صحته وتوثيقه وقد جاءت بأسانيد شتى صحيحة ، مسند أحمد بن حنبل ١ / ١١١ ، بسنده عن علي عليهالسلام. الرياض النضرة ٢ / ١٦٨. حلية الاولياء ١٠ / ٢١١. كنز العمال ٦ / ٤٠٣. مجمع الزوائد ٩ / ١١٣ ، عن جابر بن عبد الله. فضائل الخمسة ٣ / ٥٧.
٢ ـ دحا : دفع. رمى.