فقلنا له ويحك ألست زعمت أنه ليس قبلك ماء ، ولقد إستثرنا هاهنا ماء ، فشربنا واحتملنا ، قال : فوالله ما استثارها إلا نبي أو وصي نبي ، قلنا : فإن فينا وصي نبينا عليهالسلام ، قال : فانطلقوا إليه فقولوا له : ماذا قال له النبي حين حضره الموت؟ قال : فأتيناه فقلنا له إن هذا الراهب قال : كذا ، وكذا ، قال : فقولوا له إن خبرناك لتنزلن ولتسلمن ، فقلنا له فقال : نعم فأتينا أمير المؤمنين فقلنا قد حلف ليسلمن ، قال : فانطلقوا فاخبروه أن آخر ما قال النبي ، الصلاة ، الصلاة ، إن النبي صلىاللهعليهوآله كان واضعا رأسه في حجري فلم يزل يقول : الصلاة ، الصلاة ، حتى قبض. قال فقلنا له ذلك فأسلم (١). وفي ذلك يقول السيد بن محمد الحميري من قصيدته البائية المعروفة بالمذهبة :
ولقد سرى فيما يسير بليلة |
|
بعد العشاء مغامرا (٢) في موكب |
في موكب حتى أتى متبتلا في قائم |
|
ألقى قواعده بقاع مجدب (٣) |
فدنا فصاح به فأشرف ماثلا |
|
كالنسر فوق شظية من مرقب (٤) |
هل قرب قائمك الذي بوأته (٥) |
|
ماء يصاب فقال : ما من مشرب |
إلا بغاية فرسخين ومن لنا |
|
بالماء بين نقاوقي سبسب (٦) |
فثنى الاعنة نحو وعث (٧) فاجتلى |
|
بيضاء تبرق كاللجين المذهب |
قال : إقلبوها إنكم إن تفعلوا |
|
ترووا ولا تروون إن لم تقلب |
ـــــــــــــــ
١ ـ مجمع الزوائد ٩ / ٢٩٣ عن أبي رافع. الارشاد / ١٧٦. أعلام الورى / ١٧٦.
٢ ـ في اكثر الروايات هكذا : ( بعد العشاء بكربلا في موكب ).
٣ ـ المتبتل : الراهب. القائم : الصومعة. القاعدة : الاساس. الجدار. الجدب : ضد الخصب.
٤ ـ الماثل : المنتصب ، وشبه الراهب بالنسر لطول عمره. والشظية : قطعة من الجبل. المرقب : المكان العالي.
٥ ـ بوأ : أقام ، حل.
٦ ـ النقى : قطعة من الرمل ، تنقاد محدوبة. والقى : الصحراء الواسعة. والسبسب القفرة.
٧ ـ الوعث : الرمل الذي لا يسلك فيه.