ومن أعلامه عليهالسلام عند قتال الخوارج بالنهروان
وبإسناد مرفوع إلى جندب بن عبد الله البجلي ، قال : دخلني يوم النهروان شك ، فاعتزلت ، وذلك أني رأيت القوم أصحاب البرانس ، وراياتهم المصاحف حتى هممت أن أتحول إليهم فبينا أنا مقيم متحير إذ أقبل أمير المؤمنين عليهالسلام ، حتى جلس إلي ، فبينا نحن كذلك إذ جاء فارس يركض فقال يا أمير المؤمنين : ما يقعدك وقد عبر القوم؟ قال : أنت رأيتهم؟ قال : نعم. قال : والله ما عبروا ولا يعبرون أبدا فقلت في نفسي : ألله أكبر كفى بالمرء شاهدا على نفسه ، والله لئن كانوا عبروا لاقاتلنه قتالا لا ألوى فيه جهدا ، ولئن لم يعبروا لاقاتلن أهل النهروان قتالا يعلم الله به أني غضبت له. ثم لم ألبث أن جاء فارس آخر يركض ويلمع بسوطه ، فلما إنتهى إليه قال : يا أمير المؤمنين ، ما جئت حتى عبروا كلهم ، وهذه نواصي خيلهم قد أقبلت. فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : صدق الله ورسوله ، وكذبت ما عبروا ولن يعبروا ، ثم نادى في الخيل فركبوا وركب أصحابه وسار نحوهم. وسرت ويدي على قائم سيفي ، وأنا أقول : أول ما أرى فارسا قد طلع منهم أعلو عليا بالسيف للذي دخلني من الغيظ عليه.
فلما انتهى إلى النهر إذا القوم كلهم وراء النهر لم يعبر منهم أحد ، فالتفت إلي ثم وضع يده على صدري ، ثم قال : يا جندب أشككت؟ كيف رأيت؟ قلت يا أمير المؤمنين : أعوذ بالله من الشك ، وأعوذ بالله من سخط الله ، وسخط رسوله ، وسخط أمير المؤمنين ، قال : يا جندب ما أعمل إلا بعلم الله وعلم رسوله ، فأصابت