السهل وإن كان هنالك طريق مباشر من (بنجوين) عبر التلال ، يقصّر المسافة ساعة واحدة تقريبا ، ويمتد طريق السهل بمحاذاة حضيض التلال التي تحد سهل نهر (قزلجة) من الجنوب ، وينعطف مع انعطافها من الشرق إلى الجنوب. وتغطي الأشجار التلال من قممها حتى أسفلها. وإن سفوح هذه التلال ترتد أحيانا ارتدادا لطيفا على شكل أنصاف دوائر. وكان يشغل القسم الأعظم من الساحات المتكونة من هذه الارتدادات مضارب عشائرية صغيرة مرتبة ، لأولئك الذين كنا التقينا بجماعات كثيرة منهم أثناء مسيرهم. سرنا باتجاه الشمس تقريبا ، وهذا مما جعل الالتهاب في عيني شديد الألم ، وسلبني لذة التمتع بالسفرة ، ولو لا ذلك لكانت بهيجة جدّا.
دخلنا إيران في السادسة قبل الظهر ، وكانت حدودها تبدأ بجسر خشبي صغير فوق نهر يصب في (قزلجة) ؛ وكثيرا ما تنضب مياه هذا النهر. وما عتم أن اختفى نهر (قزلجة) نحو اليمين وراء التلال التي أخذت الآن تشطر السهل ، وقد أخذ يزداد انعطافا نحو الجنوب. التقينا برجل مسن محمول على ما يشبه النعش ورأسه إلى الأمام ، وكأنهم كانوا يسيرون به إلى القبر ، وهو منتصب في تلك المحفة ينظر إلى ما حوله. وقد حقق عمر آغا في أمره فعلم أن صخرة كسرت ساقه في محاولته سرقة قرية في ليلة سابقة.
وفي السابعة والنصف ونحن ننحدر من مرتفع صغير ، شاهدنا بحيرة (زه ري بار) الصغيرة الصافية الزرقة ، ومن ورائها إلى الجنوب جبال (آورامان) الصخرية الجرداء التي لا تخترقها إلا النياسم وحدها. لقد كان الجانب الأيسر من البحيرة جبليّا مشجرا ، أما جانبها الأيمن فسهل يبدو أنه كان جزءا من البحيرة ذاتها قبل زمن غير بعيد ، وقد انحسرت الآن إلى ما يقرب من ثلاثة أميال طولا وميلين عرضا تقريبا. ويحيط بالبحيرة ـ إلا جانبها الجبلي حيث لا يزال في حوضه الأصلي ـ