١ أيلول :
سرنا في الخامسة والنصف من صباح اليوم متجهين نحو الشمال الغربي إلى منطقة جبلية عن يسارنا ، وفي الساعة الأولى قطعنا الكثير من المرتفعات والمنخفضات الناهدة ، فتباطأت سرعة مسيرنا خلالها ثم تحسنت تحسنا جيدا. وفي السابعة إلا خمس دقائق دنونا من منخفض هدود إلى (قيزيل أوزان) وهو نهر له بعض الشهرة الجغرافية (١) ويقع
__________________
(١) يرى الميجر ره نل أن (قيزيل أوزان) هو (كوزان) ـ بالكاف الفارسية ـ المذكور في العهد القديم (راجع سفر الملوك الثاني الإصحاح ١٧ ـ ٦). وما يلي وصف ورد في كتابه المسمى «التحقيق في مصير أسباط اليهود العشرة الذين أخذوا أسرى في نينوى». ينبع هذا النهر من بلاد سميت فيما مضى ب (ماتيان) بين (تبريز) و (همدان) وهو ينساب شرقا ويصب في القسم الجنوبي الغربي من بحر الخزر ، مخترقا طريقه في سلسلة عظيمة من الجبال التي تفصل (ميديا) عن المناطق القفقاسية ، وهو ينحدر من أعلى مستوى (ميديا) انحدارا سريعا مخيفا إلى وهدة سحيقة نخرتها مياه هذا النهر في قاعدة الجبال وعرضها عدة أميال ، وبعد أن يصل إلى منخفضات (كيلان ـ بالكاف الفارسية) يصبح قابلا للملاحة حتى انصبابه في البحر. وقبل انحداره ذلك الانحدار يصب فيه مياه نهرا (أبهر) و (قزوين) وغيرهما من الأنهر ، ويسمى ب (شاه روود) ، وتسمى مجموعة هذه الروافد باسم (سغيد روود) أو النهر الأبيض ، ومن المحتمل أن تكون تسميته هذه ناجحة عما يعلو مياهه المتدفقة من الزبد عند جريانها بين الجبال ، إذ يقول الرحالة «دي لافاله» (.. إن لمياهه ذاتها لونا ضاربا إلى الحمرة ..) ويصف السواح الطريق الممتدة على جانب الهاوية وصفا مخيفا ، وهي الطريق الوحيدة التي يمكن أن تسلكها الدواب المحملة من (كيلان) إلى (أصفهان) وهي بوجه عام محفورة في الجروف الصخرية القائمة والمشرفة على الهاوية المفزعة ، ويسير السائح على هذا الطريق مرخيا العنان لدابته وهو يسحبها من ورائه في حذر كي لا يندفع وراءها إذا ما زلّت بها خطوة واحدة فهوت ـ انظر أوليا ريوس وهانوي وغيرهما ـ وتقع هذه الوهدة إلى غرب بحر (الخزر ـ قزوين) بمائة وثمانين ميلا تقريبا ـ راجع الحاشية في الصفحة ٣٩٥ من سفر جغرافية هيرودوتس لمؤلفه ره نل.