إلى أي تركي آخر ، ولكن لم يعقب الحاج خليفة أحد ، ومن من الأتراك يطالع الآن جهان نما؟ أو يكون لديه فكرة قياسية عن العالم بل عن بلاده نفسها؟ فإنه إذا تعلم الرياضيات والجغرافية ، فهو يراجع بكل تأكيد كتب إقليدس والمجسطي ، وقصة الأقاليم السبعة القديمة ، وبحر الظلمات وربع الأرض المسكون ، وهو قلّما يجسم نفسه متاعب التفكير فيما إذا كانت تلك النظريات تتفق مع التطورات والاكتشافات الحديثة.
إن المطابع في استانبول ، لم تقم حتى الآن بواجب تثقيف الشعب ، إلا أنها طبعت بعض الكتب الجيدة ، وقلّما يطلبها أحد ، بل لا يطالعها حتى الذي يحصل عليها. والآثار الوحيدة التي طبعت ونشرت وتهافت الناس عليها هي القواميس. و (عباس ميرزا) معني الآن بتأسيس مطبعة في تبريز. ترى هل ستفيذ هذه المطبعة الإيرانيين أكثر مما أفادت الأتراك مطابع استانبول؟ والأمة لا تتقدم بالقوة والإكراه أو بمجهود فردي ، مهما كان تقدميّا أو قويّا ومع ذلك فإن للإيرانيين كفاية أوسع من كفاية الأتراك ، ولو كانت استانبول عاصمتهم لتمكنوا منذ أمد بعيد من الوقوف في صف الأمم الأوروبية. والدين الإسلامي هو الذي يحول دون الرقي فلا يمكن لأمة أن تتمدن وهي مسلمة. والإسلام دون استثناء ، دين يعيق التقدم ويشجع على الجمود وعلى النفاق والزلل. لقد تدخل محمد في كل شيء ، وسمم كل شيء مسه. وقد جعل كل شيء سواء أكان علما أو فنا ، تاريخا أو أخلاقا من الأمور الدينية ، وأقام الموانع إزاء الرقي والتقدم ، وإزاء أي تفكير أو تطور حديث في أية ناحية من تلك النواحي (١). والتركي يكفّر كل من يعتقد بأي أمر تاريخي قديم سبق أن
__________________
(١) سمعنا هذه النعرة ، نعرة بعض المستشرقين ، كثيرا وقرأنا عنها كثيرا. وقد علمنا واقع الحال أن هؤلاء أحد اثنين : إما أنهم من المغرضين المتجاهلين ، وإما أنهم من الجاهلين الضالين في جهلهم. والغرض والجهل كلاهما يبعدان المرء عن الصدق والصواب.
وبعد هذا ، فالرد على هذا الرأي نافلة ، وإضاعة وقت ، وفي ذلك الكفاية ـ المترجم.