التي أنا فيها. بلغنا في الساعة الثالثة والنصف قناة (النهروان) (١) وهي على الأقل بعرض نهر (ديالى) الذي بلغناه في الساعة الرابعة بعد الظهر.
وعندما علمت بأن صديقنا القديم حاجي عمر كان قد سافر إلى بغداد أول الأمس ، قررت البقاء في هذا الخان ، فوجدته جيدا. ويقع هذا الخان على جهة بغداد من نهر (ديالى) قبالة قرية (بعقوبة) مباشرة ، وقرية (الهويدر) (٢) التي لا أميل إلى مشاهدتها. وسوف أرحل في صباح الغد إلى (شهربان). لقد أتيح لي مذ قدمت إلى هنا أن أرصد القبة الزرقاء ، فرصدت ارتفاع الشمس تسع مرات والشعرى اليمانية ثماني عشرة مرة ورجل الجوزاء اليسرى ثماني مرات ، ثم انصرفنا لتناول طعام العشاء.
وقد آن لي أن أغتنم فرصة تدوين رسالتي هذه التي وعد المكاري بأن يحملها إليك. وأرجو أن تعطيه العطية المعتادة إذا وفى بوعده. إنني لم أكتب يومياتي بعد ولعلني سأكتبها قبل النوم.
بارحنا الخان بعد شروق الشمس مباشرة ، واجتزنا نهر (ديالى) بعبارة قرية (الهويدر) وقد كانت جروف النهر عالية هدود ، وهي في
__________________
(١) «في عام ٥٩٠ م خرج (كسرى برويز) ملك الفرس من (طيسفون) لقتال (بهرام) القائد الثائر الذي ظهر أمام عاصمة الإمبراطورية بجيش لجب فنشبت بين الفريقين المعركة التي عرفت بمعركة (النهروان). ويذكر المؤرخ (ديربي لو) إن كسرى اندحر في هذه المعركة. ومن غريب ما يذكره المؤرخ أن هذا الملك اضطر إلى الفرار والالتجاء إلى دير قد لا يكون بعيدا عن (طيسفون) و (النهروان) وهناك انضم إليه فريق من أنصاره.
أما اليوم فإن هذه الأراضي جميعها خرائب متواصلة ولا أثر فيها للمؤسسات النصرانية. (راجع الصفحة ٩٩٦) من كتابه المكتبة الشرقية. وراجع الصفحة ١٨٧ من المجلد الثامن من انحطاط وسقوط الإمبراطورية الرومانية لمؤلفه (غيبن).
(٢) وجاءت في الأصل (هويده) غلطا ـ المترجم.