الوادي الذي يقارب عرضه الثلاثة أميال يتيسر الكثير من المراعي الجيدة ، ولكنك لا ترى فيه المزارع ، أو لا ترى إلا القليل منها. وكان العشب بارضا طريّا ، ومنذ دخولنا كردستان لم نر حقول حبوب نضجت وحان للمنجل أن يقصمها.
سرنا مع التلال التي كانت تحد الوادي من الشرق وهي على مقربة من يسارنا ، وكان قصدنا الذهاب إلى قرية (تاي نال) الواقعة على الجانب الغربي من الوادي على بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة من (ده ركه زين) ، إلا أننا عند وصولنا قبالتها إلى محل كان يجب أن نقطع الوادي منه إليها ارتأى الرائد استنادا على بعض المعلومات التي وقف عليها لساعته أنه من الأنسب أن نقصد (طاسلوجة) في وهد السليمانية ، ولذلك انعطفنا في التاسعة نحو الشمال الشرقي وارتقينا فورا التل الذي حاذيناه عن يسارنا طيلة سيرنا هذا الصباح ، وكان المرتقى والمنحدر صخريين هدودين. وفي التاسعة والنصف دخلنا وهد السليمانية وهو سهل معشوشب لطيف ، عرضه ثمانية أميال تقريبا ، لا يفتقر إلا إلى الأشجار ليصبح جميلا حقّا. وكانت مدينة السليمانية تبين لنا تحت التلال التي تحد الوادي من الشرق ، وجبل (غودرون) إحدى سلاسلها.
كان تقدمنا اليوم بطيئا شاقا إذ كانت الأرض موحلة وصخرية ، وكانت الساعة العاشرة ق. ظ. عندما وصلنا إلى مضربنا بجوار طنف اسمه (قه ره سبي ته به) (١) ومعنى ذلك الطنف الأسود وهو كطنفي (جمجمال) و (ده ركه زين). ومن المحتمل أن تكون هذه الطنوف منازل ملكية ، تشير إلى مراحل سير جيش ، وقد يكون جيش (أردشير) أو (دارا كشتاسب) (٢).
__________________
(١) إن اسم الطنف المتعارف عليه (كي له سبي) أي النصب الأبيض ويظهر أن الأمر قد التبس على الكاتب فاستبدل كلمة (قه ره) التركية ومعناها الأسود بكلمة (كي ل) الكردية ، ومعناها حجرة أو نصب ـ المترجم.
(٢) هناك آثار أبنية خربة في مكان اسمه (كه روانان) على تل في السهل. ـ انتهت