تهدم معظمه فقام بعمارته ومرمته أهل الخير وتم على ما هو عليه الآن. وكانت اليد العاملة في إعماره للمرحومين السيد إسماعيل الكيالي والشيخ نجيب الحميداني وقد أخرجا من بابه حانوتين لتعود غلتهما على ما يلزمه من المرمة استبقاء لعينه ، فجزى الله المحسنين خير الجزاء. ومنها مما سيأتي بيانه.
ما سبب تسميتها إدلب الصابون :
عرفت هذه البلدة من القديم بعمل الصابون لعظم وارداتها من ثمر الزيتون المغروس أكثر أرضها بشجرته المباركة ، فكان بها تحت الأرض من المعامل لعصر الزيت ما ينيف على مائتي معمل تزاول عصره من أوائل فصل الشتاء إلى منتصف الصيف ، وذلك بسبب أن آلة العصر كانت في تلك العصور إنما هي (القضيب والفليجة) المتخذتان من الخشب على شكلهما البسيط ، وما زالتا مستعملتين إلى أن ظهرت منذ أربعين سنة الآلات الحديدية ، فمجموع المعامل الآن بها منها خمسون معملا أكثر أبنيتها قائم على وجه الأرض. وكان يوجد بها لطبخ الصابون ستة وثلاثون مصبنة منها ذات القدرين وذات الأربعة ، وعلى كثرة هذه المصابن كانت نيرانها دائمة الاضطرام تحت قدور الطبخ عامة أيام السنة حتى شكلت على التمادي من مرجوع القلى الذي هو أحد المواد المستعملة في طبخ الزيت صابونا هاتين الرمادتين القائمتين على طرفي البلدة ، إحداهما في الغربي الشمالي والثانية في الجنوبي الشرقي ، وكل منهما على رغم تقادم العهد وما جرفه السيل وأذرته الرياح كالطود العظيم ، ويوجد أيضا في جهتها الشمالية على حافة الجادة الغربية الموصلة إلى معرة مصرين رمادة ثالثة دونهما في الحجم ، وكفى بهذه الآثار العظيمة دليلا على عظم ما كانت تخرجه هذه المعامل من الزيت والصابون ، لم لا وقد كان محظورا طبيخه على سائر البلاد السورية بمقتضى الأمر السلطاني القاضي بحصر عمله في معاملها على ما يأتي تفصيله. ولكن مع الأسف لم يبق من تلك المصابن سوى اثنتين إحداهما في البازار المتوسط معطلة بيد العياشية ، والثانية في محلة الكيّالية بيد بني المعلّم لكنها غير مستديمة العمل ، وهناك ثالثة صغيرة يستعملها في فصل الشتاء أصحابها من بني البعّاج.
بقدر ما كانت هذه البلدة في الأدوار السابقة راقية في صنعة الصابون كانت تجارتها راقية ، وذلك حينما كان مرفأ ثغر اللاذقية عامرا ولم يكن من ثمة لثغر الإسكندرونة من ذكر ، فكان كل ما يلقيه البحر إلى الداخل من البلاد العربية حتى العراق على مرفئها وما