ثراها الطيب جسده الطاهر (١).
وسوف نلحظ عند دراسة حفيده «ابن يونس» ما مثّله علم «الحديث» من جانب كبير من مكونات ثقافته ، التى انطبع بها مؤلّفاه ، كما سنرى تأثر ذلك الحفيد بجده فى تفضيله المكث بأرض مصر ، وعدم الارتحال إلى خارجها.
ثالثا ـ الفقه :
١ ـ يبدو أن «يونس بن عبد الأعلى» كان على صلة وثيقة بالمذهب المالكى ـ قبل قدوم الشافعى إلى مصر سنة ١٩٩ ه ـ بدليل صلاته الوثيقة ب «عبد الله بن وهب» المتوفى سنة ١٩٧ ه ، الذي كان من أخص تلاميذ الإمام مالك بن أنس «رضى الله عنه». وقد روى عنه يونس بعض الروايات ، عن الإمام مالك (٢).
٢ ـ بعد قدوم الإمام الشافعى إلى مصر تبع يونس مذهبه ، حتى عدّ أحد أصحابه ، والمكثرين فى الرواية عنه ، والملازمة له (٣). وجعله الإمام النووى أحد رواة النصوص الجديدة عنه (٤) «أى : مذهبه الجديد الذي ألّفه فى مصر». هذا ، وقد توطدت الصلات وتعمقت بينهما (٥) ، ووقف الشافعى على عقل وفكر يونس ، حتى قال : لم أر أعقل منه (٦) بمصر.
__________________
(١) ارتبط يونس ببلده مصر ، فنقل ابن خلكان عن القضاعى فى (خطط مصر) أن ليونس حبسا فى الديوان ، وله عقب بمصر ، ودار مشهورة فى خطة (الصدف) ، مكتوب عليها اسمه ، وتاريخها سنة ٢١٥ ه. (وفيات الأعيان) ٧ / ٢٥٠. وفى (المصدر السابق) ٧ / ٢٥٣ : ذكر ابن خلكان : أن وفاة يونس كانت بمصر ، ودفن بمقابر الصدف ، وقبره مشهور بالقرافة.
(٢) راجع بعض هذه الروايات فى (الانتقاء) لابن عبد البر ص ٣٣ ، ٣٧.
(٣) السابق : ص ١١١ (أخذ عن الشافعى كثيرا) ، ووفيات الأعيان ٧ / ٢٤٩ ، وحسن المحاضرة ١ / ٣٠٩ (تفقه بالشافعى) ، وشذرات الذهب ٢ / ١٤٩ (شرحه).
(٤) تهذيب الأسماء واللغات ج ٢ من ق ١ ص ١٦٨.
(٥) توجد شواهد عديدة لعمق الصلات والروابط بين يونس والشافعى (توجيه الشافعى له إلى تعلّم الفقه (الانتقاء ص ٨٤) ، واستثناسه بوجوده فى مناظراته (السابق ٧٨) ، ودخوله عليه فى مرضه الشديد ، وطلب الشافعى إليه أن يقرأ عليه آيات ما بعد العشرين والمائة من آل عمران ، ولمّا همّ يونس بالقيام ، قال له : لا تغفل عنى ، فإنى مكروب. وعلّق يونس قائلا : إنما قصد بالآيات ما لقى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأصحابه (مناقب الشافعى للبيهقى ٢ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣).
(٦) وفيات الأعيان ٧ / ٢٥٠ ، وسير النبلاء ١٢ / ٣٥٠ ، وطبقات السبكى ٢ / ١٧١ ، وتهذيب التهذيب ١١ / ٣٨٨ ، وشذرات الذهب ٢ / ١٤٩.