وسمات شخصيته ، ويدخل ـ أيضا ـ فى تكوينه العلمى ، فيساعدنا على دراسته «مؤرخا». والآن ، مع استعراض سريع لجوانب هذه الثقافة :
أ ـ القراءات :
لا نجد تفاصيل كافية ، تسهم فى معرفة واضحة متكاملة عن المكانة التى وصل إليها مؤرخنا ابن يونس فى ذلك العلم القرآنى. ولكننا نرجح أنه كان أحد اهتماماته ؛ لأنه يمثل أحد الروافد الثقافية فى ذلك العصر ، ولكون جده «يونس» أحد المتصدرين للإقراء فى مصر (١) ، وقد يكون نقل ذلك عنه والد «ابن يونس» ، ثم انتقل ذلك بدوره إلى مؤرخنا. وعلى كل ، فقد كان لابن يونس ـ وفى ضوء ما تم تجميعه من «تاريخ المصريين» ـ اهتمام بالترجمة لعدد من القراء فى مصر (٢) ، كما أنه قرأ على بعضهم (٣) ؛ مما يفيد نوعا من الاهتمام بذلك العلم. ولم يقف اهتمامه عند القراء المصريين ، بل ترجم لبعض القراء الوافدين إلى مصر ، ممن لهم تأثير ونشاط ملحوظ فى حلقات الإقراء ، ومراجعة كتابة المصحف الشريف (٤).
ب ـ الحديث :
يمثل هذا العلم قمة فروع معارف وثقافة مؤرخنا ابن يونس ، ويعد الركيزة الأساسية التى بنى عليها ، واستمد منها مادة مؤلّفيه التاريخيين ، على نحو ما سنرى فيما بعد ، وبه
__________________
(١) تجدر الإشارة إلى أن ابن يونس ترجم فى (تاريخ الغرباء ، ترجمة ٤١٣) ل (على بن يزيد بن كيسة الكوفى المقرئ ، نزيل مصر) ، الذي عرض عليه (يونس بن عبد الأعلى) القرآن ، وعرضه عليه.
(٢) من هؤلاء الذين لعبوا دورا مهما فى مدرسة القراءات فى مصر الإسلامية (عدد من الصحابة ، والتابعين ، وغيرهم). راجع (تاريخ المصريين : تراجم أرقام : ٥٩٠ ، ٧٦٧ ، ٧٦٩ ، ٨٤٣ ، ٨٥٣ ، ٩٠٢ ، ٩٢٣).
(٣) قرأ مؤرخنا ابن يونس على القارئ المصرى المشهور ، الذي كان يجيد قراءة ورش ، وهو (أحمد بن أسامة بن أحمد بن أسامة التجيبى ، المتوفى سنة ٣٤٢ ه). (حسن المحاضرة ١ / ٤٨٨).
(٤) مثل : (أبى طعمة) القارئ المشهور بمصر (تاريخ الغرباء ، ترجمة ٦٩٩) ، و (ثوابة بن مسعود التنوخى) المقرئ ، الذي كان شيخا لابن وهب (السابق : ترجمة ١٢٧) ، والقارئ الكوفى (زرعة ابن سهيل الثقفى) ، الذي اكتشف خطأ من النساخ فى مصحف (عبد العزيز بن مروان) ، وكافأه على ذلك. (السابق : ترجمة ٢٠٧).