أن «تاريخ المصريين» وجدنا ضمن بقاياه تراجم لبعض علماء الصعيد ، فهم داخلون ـ إذن ـ فى مادته التاريخية ، فلا داعى لإفراد كتاب عن هؤلاء ، اللهم إلا إذا كانت لدى مؤرخنا مادة معقولة عن أحداث الصعيد ، ورجاله ، تسمح له بإفراد كتاب عن هؤلاء العلماء المجاهيل ، الذين أراد إنصافهم ، والتعريف بعلمهم (١). لكن سكوت المصادر عن مجرد ذكر عنوان الكتاب ، وإمكانية الوفاء بهذا الغرض من خلال «تاريخ المصريين» ، يجعلنا ـ فى النهاية ـ نرجح أن نسبة هذا الكتاب الأخير إلى مؤرخنا غير صحيحة.
وأخيرا ، فإننا نكتفى بهذا الحديث المقتضب عن تلك المؤلفات التاريخية لمؤرخنا «ابن يونس» لحين تفصيل القول فيها عند كتابة «مدخل إلى دراسة تاريخى ابن يونس».
٥ ـ حول ملامح ، وسمات شخصيته :
أعتقد أن من تمام ترجمة الشخصية محاولة الكشف عن سماتها وملامحها الخلقية والخلقية والعقلية ، بحيث ينظر إليها القارئ كأنه يراها. وللأسف ، فإن شخصية مؤرخنا «ابن يونس» لا نجد فى المصادر المترجمة لها ـ على كثرتها النسبية ـ ما يجلّى هذه الملامح ، أو حتى يتعرض لها من بعيد. وفى محاولة متواضعة منى ، حاولت أن أستشف شيئا من ذلك ، عن طريق استنطاق نصوص كتابيه المعروفين ؛ كى أخرج منهما ببعض من إشارات خفيفة سريعة عن هذه السمات على النحو الآتى :
__________________
العربى) ٢ / ٨٤ ، ود. الشيال فى (تاريخ مصر الإسلامية) ١ / ١٢٨. أما د. شاكر مصطفى ، فذكر الكتاب دون ذكر المصدر الذي نقل عنه (التاريخ العربى والمؤرخون) ٢ / ٢٠٠.
(١) تجدر الإشارة إلى أن أول كتاب مطبوع نعرفه فى (تاريخ علماء الصعيد) هو كتاب (الطالع السعيد الجامع أسماء نجباء الصعيد) للأدفوى (٦٨٥ ـ ٧٤٨ ه). وقد صرح مؤلفه (ص ٥) : أن شيخه (أبا حيّان محمد بن يوسف الأندلسى الغرناطىّ) أشار عليه غير مرة بعمل هذا الكتاب ، وأضاف المؤلف أنه مبتكر هذا العمل. وقد اعترض على ذلك المحقق فى (صفحة ع من مقدمة التحقيق ، وفى هامش ٣ ص ٥ من مقدمة المؤلف) ، وقال : سبقه إلى ذلك ابن يونس ، ومحمد ابن عبد العزيز الإدريسى (ت ٦٤١ ه) ، وأحال على (كشف الظنون). وبالفعل ذكر (حاج خليفة) للمؤرخ الأخير كتاب (المفيد فى أخبار صعيد). (كشف الظنون ، ط. الهند) مجلد ٤ ص ١٧٧٧. إذا حاج خليفة هو صاحب المصدر الوحيد لنسبة هذا الكتاب إلى ابن يونس. ونرجح أن ذلك من أوهامه ، فلو كان هذا الكتاب موجودا ، لذكره الأدفوى فى النصوص التى اقتبسها من ابن يونس ، لكنه كان ينسبها إلى (تاريخ مصر) ؛ مما يقوى الرأى الذي رجّحناه.