إلىّ له مسند» (١).
وثمة نمطان أخيران من هذه الأمثلة :
الأول : فى حالة إحساس ابن يونس أن ترجمته للشخصية غير وافية ولا كافية ، يقول : «وما أعرفه بغير هذا» (٢). كأنما يعتذر عن قصور مادة الترجمة ، ويعلنها بكل صراحة ووضوح : إن هذا هو مبلغ علمى وجهدى.
الثانى : عند جهله بإحدى جزئيات الترجمة المهمة ، مثل : عدم معرفته بتاريخ قدوم المترجم له إلى مصر ، كان يبيّن ذلك بكل صراحة ، فيقول : «وما عرفنا وقت قدومه» (٣).
وكذلك إذا جهل نسب المترجم له ، ولم يتأكد أنه هو الذي يعرفه ، كان يصرح بعجزه عن معرفته (٤) ، وأخيرا ، يبلغ ابن يونس ذروة الأمانة العلمية ، عندما يشك فى سنة ميلاد أحد المترجمين ، فيذكر أن الشك إنما وقع منه هو ـ لاختلال فى الضبط ـ لا من مصدر الرواية «يحيى بن بكير» (٥).
ب ـ دقّته ، وحسن فهمه :
هاتان الصفتان من أهم صفات العالم الحق ، والمؤرخ الفذّ ؛ ولذلك فقد كان مؤرخنا ابن يونس «رحمهالله» حريصا على التحلّى بهما. وعلى ذلك شواهد عديدة ، منها : أنه ـ بعد البحث والتحرى ـ كان يقف ـ بالضبط ـ على عدد الأحاديث ، التى رواها بعض المترجمين ، ورغم ذلك لم يكن يقطع ـ تواضعا ودقة منه ـ بتلك المعلومة ، بل كان يتبعها بقوله : «فيما علمت (٦) ، وفيما أعلم (٧)». وأحيانا ، لا يجد للمترجم له رواية
__________________
(١) أى : حديث مسند. (السابق ، ترجمة عبد العزيز بن علىّ بن رباح ، رقم ٨٦١).
(٢) السابق (ترجمة عمرو بن حمران البجلىّ ، رقم ١٠١٨).
(٣) السابق (ترجمة الصحابى شمعون بن زيد ، رقم ٦٥٥).
(٤) راجع ترجمة (إبراهيم الأنصارى) فى (تاريخ الغرباء) رقم (١) ، قال فيها ابن يونس : (إن لم يكن إبراهيم بن عبد الله بن ثابت بن قيس بن شمّاس ، فلا أدرى من هو).
(٥) تاريخ المصريين (ترجمة عيّاش بن عقبة الحضرمى ، رقم ١٠٥١) ، وفيها : (قال يحيى بن بكير : ولد سنة أربع وسبعين ، أو وتسعين ـ الشك من ابن يونس).
(٦) المصدر السابق (ترجمة بكر بن سوادة ، رقم ١٨٣) ، وفيها قال : (أغرب بحديث عن عقبة بن عامر ، لم يروه غيره ، فيما علمت).
(٧) المصدر السابق (ترجمة عذرة بن المصعب ، رقم ٩٣٢) ، وفيها قال : (أسند ثلاثة أحاديث ، فيما أعلم).